نأتي في هذا الباب على ترجمة أعاظم رجال المسلمين ممن أنتقع بهم العلم والدين، كما تعهدنا بذلك في المقدمة لما فيه من تجريك بواعث الهمم، للاقتداء بأولئك الرجال. في جلائل العمال. وكرائم الخصال. ولانا نرى كثيراً ممن يدعى التمدن يحفظون تاريخ فلاسفة الغربين. ويتلمظون به في المجالس ثم إذا سألتهم عن تاريخ رجل من عظماء المسلمين. أو عالم من العلماء المبرزين. تراهم لا يحفظون نبذة من كلامه ولا مأثرة من مأثره اللهم غفراً ينسون تاريخ قومهم ويحفظون تاريخ غيرهم أن هذه النهاية التعاسة وغاية الخذلان.
وها نحن أولاء نتيمن بالابتداء بترجمة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل من طلعت عليه الشمس بعد النبيين. (أبي بكر الصديق) رضى الله تعالى وعنه وكان الأحرى بنا أن نبتدئ بترجمة الرسول صلى الله عليه وسلم لولا أن ألف في ترجمته مالا يحصى من المؤلفات عدا بل أن الكتب الدينية جمعاء ترجمة لحياته الشريفة صلى الله عليه وسلم. اسم أبي بكر عبد الله سماه به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم وكان اسمه عبد الكعبة ولقبه بالعتيق لجمال وجهه ووصف بالصديق لبداره إلى تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به عموماً واسم أبيه عثمان ويكنى أبا قحافة ويجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب. ولد رضى الله عنه لسنتين وأشهر من مولد النبي صلى الله عليه وسلم. صحب النبي صلى الله عليه وسلم صحبه لا يمكن للمؤرخ أن يحيط بها مهما بلغ من الإطلاع وأجاد في الشرح. صحبة تمثل التفاني في تأييد الحق بأجلى مظاهره وتعلم الناس كيف يتحدون. قداه بماله عند الاقتضاء. وبنفسه عند الشدائد صدقه حين كذبه الناس ونصره حين خذله الناس وآمن به حين كفر به الناس قال صلى الله عليه وسلم أنم آمن الناس على في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ذكر عنده أبو بكر فبكي وقال وددت لو أن عملي كله من عمله يوماً واحداً من أيامه وليلة من لياليه أما الليلة فليلة سار مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى النار فلما انمتهيا إليه قال والله لا تدخله حتى أدخل قبلك فإن كان فيه شيء أصابني دونك فدخل فكسحه فوجد في جانبه ثقباً فشق