يعلم كل مطلع على تاريخ الأمم والأجيال ومتتبع سير مشاهير العالم وأعظم الرجال، إن سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم قد هز ظهوره الدولتين الفارسية والرومانية، وبز الخافقين الشرق والغرب وعز العالمين العرب والعجم، ونسخ الشرعين شرع موسى وعيسى (عليهم الصلاة والسلام) وجاءنا بالثقلين الكتاب والسنة فأغنانا عن المدنيتين مدنية روما وأثينا، وأسسي لنا بالمرهفين القلم والسيف مدنية ثابتة مدى الدهر وباقية عصراً تلو عصر.
نعم إنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم قد قلب شرعه وجه الأرض وأنقذ العالم من ظلمات بعضها فوق بعض.
وكان أساساً ثابتاً لكل حضارة ومدنية كما كان أتباعه العظام حلقة اتصال بين مدنيته العظيمة ومدنية الأمم قبله.
نعم إن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم ذلك النبي الأمي هو الذي نشر العلم العملي، بل هو الذي وضع أسس على الأخلاق ودعائم فن الاجتماع وإن في شهادة أكابر رجال أوروبا ومتشرعيها الدارسين أقدم شرائع العالم من شريعة حمورابي فما قبله وما بعده بأن شرعه أحسن شرع وجد في هذا العالم لعبرة كبرى وعظة بالغة، بل معجزة باهرة وحجة ظاهرة على أنه لا ينطق عن الهوى، وإن نطقه وحي يوحى.
إذا كان ذلك كذلك وكانت الأمم الحية تحتفل في كل عام بولادة من لا يبلغ مداحد أتباعه ولا نصيفه من أعاظم رجالها ومتشرعيها فكسف لا يجب على الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها وشماليها وجنوبيها أن تحتفل في كل عام بولادة من يوجد في أتباعه أمثال الصديق والفاروق وذي النورين والوصي وابن أبي سفيان وسيف الله والوليد وعبد الملك وصقر قريش والمنصور والرشيد والمأمون ونور الدين وصلاح الدين وعثمان والفاتح وسليمان وأضراب هؤلاء الأساطين من جميع الخلفاء والسلاطين.
إن هذا وذاك هو الذي دعا جمعيتنا أن تسعى سعيها باستنفار الأمم الإسلامية في جميع أرجاء الأرض للقيام بهذا الواجب العظيم وأن تتذرع بالوسائل بجعله عيداً رسمياً شريفاً