المؤرخين من حرمة الغيبة وأي ضرورة تدعو إلى ذلك؟ نعم أباح العلماء رضي الله عنهم ذلك للمحدثين لمعرفة صحيح الأحاديث وفاسدها المتوقف عليهما أمر الدين وماذا يتوقف على عدم الغيبة في كتب التاريخ؟ والذي نعتقده أن المؤرخ إذا لم تدعو لذكره بعض الناس بسوء ضرورة مبيحة فكلامه داخل في الغيبة كما قال ذلك حجة الإسلام الغزالي ونص عبارته وكذلك الغيبة بالكتابة فإن القلم أحد اللسانين. وذكر المصنف شخصاً معيناً وتهجين كلامه في الكتاب غيبة إلا أن يقترن به شيء من الأعذار المحوجة إلى ذكره أهـ.
فثبت بهذا التمثيل إذا فرض خلوه عن جميع ما قدمناه من المنكرات لا يتصور خلوه عن الكذب والغيبة وهما محظوران فالتمثيل محظور على أنه لو لم يظهر وجه لحظر التمثيل لا يمكن أن يظهر وجه لحله فيجب أن يرجع بالأمر إلى التوقف ومعلوم حال المتوقف فيه شرعاً. هذا ولو لم يكن في التمثيل إلا أنه خوض في الباطل لكفى ذلك في وجوب منعه قال في الإحياء (الآفة الثالثة الخوض في الباطل) وهو الكلام في المعاصي كحكاية أحوال النساء ومجالس الخمر ومقامات الفساق وتنعم الأغنياء وتجبر الملوك ومراسمهم المذمومة وأحوالهم المكروهة فإن كل ذلك مما لا يحل الخوض فيه وهو حرام أهـ كلام حجة الإسلام الغزالي وهو كما يرى المنصف منطبق تمام الانطباق على التمثيل والروايات فهل يرضى به ويعده حجة المعارضون وهل بعد هذا تردد لمتردد أو ريبة لمرتاب؟
نسأل الله أن يجنبنا الغرور، ويبعدنا من الشرور، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. والحمد لله وكفى. وصلى الله وسلم على كل عبد مصطفى.