للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الأخلاق]

التفلسف الحديث

ما احتفظت أمة من المم بعادتها. وتمسكت بأهداب أخلاقها. إلا وتوفرت لها ضروب السعادة وانفسح لمها مجال التقدم والنجاح. وعاشت بظل عيش وارف. تختال بمجدها التالد والطارف. وهي آمنة على مركزها الاجتماعي حيث تسير سيرها الحثيث في تقدم بلادها وعمرانها. وما اضمحلت أمة وانقضت أركان مجدها. وفقدت ثقة الغير بها. وسقطت في مهاوى الذل والازدراء إلا بنبذ أخلاقها وعاداتها ظهرياً والمغالاة في نشر أخلاق غيرها من الأمم.

من هذه الخطة التي رسمتها في مقالي يظهر بداهة للقارئ ما وصلت إليه أخلاق المسلمين في هذه القرون المتأخرة. وما خالطها من الأخلاق الفاسدة التي يصعب استئصالها من محيط أدمغتهم.

هذا وأنا لنسمع أقوال بعض الغربيين. ويدوى صداه في صماخ آذاننا من أن الإسلام بعيد عن التمدن الحديث. وأنه يستحيل على المسلمين أن يرتقوا سلم الحضارة والتقدم مع ما هم عليه من الانحطاط العظيم في الأخلاق والتربية. ولماذا قالوا لأن سيطرة دينهم والأحرى تعسف علماءهم ليمنعانهم عن الإطلاع على العلوم العصرية. والاكتشافات الجديدة وأن الدين الإسلامي نفسه هو عقبة كؤود في سبيل التقدم والحضارة. .

هذه هي الوصمة الشنعاء التي جعل بعض الغربيين من أجلها الدين الإسلامي هدفاً لسهام ملامهم ولكن لو انصفوا وراجعوا تاريخ مدينتهم وحضارتهم لوجدوه شرارة طارت إليهم من كتلة التهبت في الشرق وكان موقد جذوتها (الدين الإسلامي الحنيف) وأن السبب الوحيد لانحطاطنا هو ما ورثه بعض أحداث متفلسفتنا من آثار الهمجية والأخلاق السافلة التي تخبطت بهما الأمم الغربية، قروناً كثيرة، وأني أود أن أصرح بأن القرآن الكريم ما بين دفتيه هو الناموس الآلهي الضامن لنا نيل السعادتين. والكفيل الوحيد لتقدمنا وحضارتنا وهو مصدر الأخلاق والأفكار الفاضلة. وأن تلك الشريعة السمحاء رحيبة الصدر. هنية المورد يرد زلالها المتعطشون في أي زمان مهما تطورت أطوارهم. وتشعبت أفكارهم بيد أن هنالك فئة قليلة حملت على عاتقها رؤساً ناتئة كرؤوس الشياطين وأدمغة انتخرت