ذكرنا في مقالاتنا السابقة ما وهب الله تعالى لنبيه محمد صلى الله تعالى عليه وسلم من المقامات السامية والمراتب العالية الدالة على اصطفاء الله له من بين خلقه، وتفضيله على سائر أنبيائه وأثبتنا بالدلائل الواضحة والبراهين القاطعة ما لهذا الرسول من المعجزات الباهرات والآيات البينات الدالة على صدق نبوته وتحقيق رسالته ولكننا لم نوف الموضوع حقه بذكر الخصائص التي اختص فيها عليه الصلاة والسلام مما تثبت أنه نسيج وحده ووحيد عالمه وأنه الجامع لأشتات الفضائل والسجايا والجامع لمتفرقات المواهب والمزايا اعتماداً على أننا نفرد بالذكر موضوعاً خاصاً يتضمن بيان بعض الخصائص التي خص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم تشريفاً وتكريماً وتفضلاً وتعظيماً فنقول معتمدين في النقل على ما ثبت عن العلماء الثقات الحائزين قصبات السبق في مضمار الضبط وصحة النقل.
الخصائص جمع خصوصية وهي ما خص الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم فانفرد به عن كل ما سواه أو انفرد به عن غيره من الأنبياء أو عن أمته والأولى خصائص مطلقة حقيقية وما عداها إضافية.
فمن خصائصه صلى الله عليه وسلم سبقه على الأنبياء خلقاً واتصافاً بوصف النبوة وتحققاً بها فهو أول الأنبياء بل والمخلوقات أيضاً خلقاً ونبوة كما يشهد لذلك الحديث المخرج عن أحمد والحاكم والبيهقي عن العرباض بن سارية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته.
وفي رواية للبخاري والطبراني عن ميسرة الضبي قال قلت يا رسول الله متى كنت نبياً قال وآدم بين الروح والجسد يعني أنه صلى الله عليه وسلم اختص بأنه روحه الشريفة وحقيقته الطاهرة الزكية اتصفت بالنبوة بالفعل قبل خلق جسده من دون أرواح سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنها قبل خلق أجسادهم لم تتصف بالنبوة وبهذا الاعتبار كان صلى الله عليه وسلم نبياً وآدم بين الروح والجسد.
ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام أخذ الميثاق على النبيين أن يؤمنوا به وينصروه والتبشير به في كتب الله المنزلة قال تعالى: (وإذ أخذنا لله ميثاق النبيين لما آتيتكم من