كتاب وحمة الآية) وأخرج البخاري عن عطاء بن يسار قال لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فقلت أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أجل إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن (يا آيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وحرزاً للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صحاب في الأسواق ولا يجزئ السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ولا يقبضه الله تعالى حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً)(قال تعالى الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والأنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم أصرهم والأغلال التي كانت عليهم)
فإن من تأمل حسن تدبيره للعرب الذين هم كالوحش الشارد مع الطبع المتنافر المتباعد وكيف ساسهم واحتمل جفاهم وصبر على أذاهم إلى أن انقادوا إليه واجتمعوا عليه وقاتلوا دونه أهليهم وآباءهم وابناءهم واختاروه على أنفسهم وهجروا في رضاه أوطانهم وأحباءهم من غير ممارسة سبقت له ولا مطالعة كتب يتعلم منها سير الماضيين تحقق أنه أعقل العالمين.
ومما اختص به صلى الله عليه وسلم وعد الله تعالى إياه بالعصمة ممن قصده بسوء من الناس قال تعالى:(والله يعصمك من الناس) ولا ينافي ذلك ما وقع له يوم أحد من الشبحة ولا ما وقع يوم خيبر من السم في الذراع فإن العصمة الموعود بها هي سلامة النفس من القتل وما عساه فهو من الابتلاء الذي يقع للكمل لرفع درجاتهم أخرج الترمذي والحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية (والله يعصمك من الناس) فأخرج رأسه من القبة فقال لهم يا آيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله تعالى.
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم التي استأثر بها عن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الإسراء وما تضمنه من المعراج وهو من أشهر المعجزات وأعظم الآيات وأتم الدلالات الدالة على اختصاصه بما لم يصل إليه نبي مرسل ولا ملك مقرب وقصة المعراج ثابتة مشهورة.