مما يزل فيه بعض أرباب الأقلام استعمال لفظة (استبدل) على غير الوجه بل لا يكاد يجيد وضع هذا الحرف في موضعه إلا القليل. فمن أمثلة الزلل فيه قول أحدهم يصف عاشقاً جد به الهوى فنفر ن عينيه الكرى استبدال النوم بالسهر أراد أنه اتخذ السهر من البوم بدلاً ولكنه قلب الوضع فجاء مقلوباً والوجه أن يقال استبدل السهر بالنوم ليستقيم الوضع والمعنى معاً.
ومن الزلل في استعمال هذا الحرف أيضاً قول الآخر يصف محتالاً بدل الجنيه (أي الليرة) درهماً زائفاً وقول غيره في هذا المعنى بدل الماس حجراً يريد كلاهما أن المحتال قد يعلم الدرهم الزائف بدلاً من الجنيه وقطعة من حجر بدلاً من الماس ولكن الوضع لا يدل على هذا المعنى والوجه أن يقال أبدل الجنيه بدرهم زائف والماس بحجر لأن التبديل تحويل صورة إلى صورة أخرى والمراد في هذين الموضوعين التنحية أي جعل شيء مكان شيء آخر وهو الإبدال.
وعلى ذكر هذا الحرف نذكر ما سمع في فعل وفعل وهو أربعة أحرف بدل وبدل ومثل ومثل وشبه وشبه ونكل ونكل ولم يزد عليها أحد.
ومن زلل قول بعضهم مفتش (أول) اللغة العربية يريدون مفتش اللغة العربية الأول فيفصلون بين المضاف والمضاف إليه بنعت الأول.
ومنه قول خليني أفهمك يريد دعني أفهمك فيستعمل التخلية خطأ وقد شاع استعمال هذا الحرف على نحو ما رأيت قال شاعر الشرق:
فخذ سبلاً على العلياء شتى ... وخل دليلك الدين القويم
وإنما الخلية الترك وذلك غير ما يقتضيه المقام كما هو ظاهر.
ومنه قوله هذا الكتاب ترجم بمعرفة فلان يريد أن فلاناً هو الذي ترجمه فيأتي بهذا الوضع وهو لا يدل على المعنى المراد. وإنما يقع مثل هذا الكاتب في ذلك الوهم لالتزامه التعريب الحرفي وظاهر أن الجملة المتقدمة تفيد أن فلاناً يعرف أن الكتاب ترجم لا أنه هو الذي ترجمه فإذا أريد الشطر الثاني قيل ألف هذا الكتاب فلان وهذا الضرب من الخطأ كثير