[حجاب الفتاة]
بقلم الشاعر الكبير عبد الحميد أفندي الرافعي
عن الرأي العام الأغر
بنت الحجاب ترينهم ظلموك ... والصون أمك والعفاف أبوك
خافوا عليك من العيون وربما ... من سحر عينك للورى خافوك
ستروك عن مقل الرجال وليتهم ... حتى عن الجارات لو ستروك
أنت الزجاجة بينهم لولا الحمى ... في كسر بيتك خلتهم كسروك
إن اللحاظ سهام شيطان الهوى ... لن تتقى بفؤادك المضنوك
قد لذ عيشك بالعفاف وإنه ... شرف توارث مجده أهلوك
وألفت روض الخدر حتى خلتهم ... لو أخرجوك لنزهة مقتوك
لم يرضهم سقف السما وبودهم ... لو أنهم عن شبهها حجبوك
وتصد عنك الشمس أختك غيرة ... ويكاد يمتشق الحسام أخوك
وكذاك أنت كما ربيت نزوعة ... للستر لن يلفى وينطق فوك
ومن العجائب أن بعض بنيك في ... هذا الزمان برأيه الموعوك
قدر أم كشف عنك سفاهة ... يا بئس ما رام الغداة بنوك
ودت رجال الدين زخرف قولهم ... ولو أنهم نجحوا إذن فضحوك
قالوا الحجاب ظلام ظلم للنسا ... وتشدقوا بالعلقم المعلوك
رامو بمثلك خطة بل خزية ... من دونها خوض الدم المسفوك
ما شم ريح الدين يوماً من يرى ... فضلاً عن المستور للمهتوك
يدعو النسا لوظائف قد خصها ... برجالها رب بغير شريك
متحككاً بعوائد البعداء لم ... يبرح منها متحنكاً يهجوك
ويرى التبرج كالمباح وذاك ما ... يأباه بين العالمين ذووك
ويرى مخالطة الفتاة مع الفتى ... تدعو إلى التسكين لا التحريك
وتعود البصرين نظرة مخلص ... أبعصمة كحلوة أو كحلوك
أوليس من قد حام من حول الحمى ... في موقف من أن يهال وشيك