درجات وهو كاف لتولد الهلال به في أحد المطلعين فكيف لا يكون كافياً في ما بين الاستانة ودمشق وبغداد وأرض روم وصنعاء ولعمري أن المكابرة بقال فلان وقال فلان ونؤمل أن يقول فلان لا تغني من الحق شيئاً أترى يا أستاذ أنك لو نويت صيام يوم وفي الصباح أتاك تلغراف من بطرسيبرج يقول لك كل واشرب إلى وقت كذا لأنه عندنا ليل وأنت تنظر الشمس طلعت أو كادت تطلع أكنت تتبع قوله أم ترفضه؟ ثم بقيت صائماً فقبل الغروب جاءك تلغراف من بغداد بأن الشمس غربت والليل طلع وأنت تنظر الشمس لم تغرب أكنت تفطر وتأمر أخاك الذي في مراكش بأن يفطر والوقت عصر عنده؟ كلا ما أنت فاعل هذا ولا ذاك فهل ترى أنك مضطر بالدين إلى اعتبار المطالع أم لا. . أراك يا أستاذ حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء فبأي قياس عقلي تجوزون الاعتماد على التلغراف في الأمور الشرعية مع أنه عبارة عن ناقل يملي بغير فهم وآخر يفهم غير ما ألقي إليه وكل منهما يحرف كما يفهم ولو تتبعنا سقطاته بالأخبار لملأت كتاباً وحيث أن مجلة الحقائق استوفت نقص أسس ما بنيتم عليه صرح بشارتكم فلا حاجة للبحث معكم في زخرفه ووهنه (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا حرف هار).
لماذا يا أستاذ اكتفيت بهذه البشارة عن (طبارة) عن (مصر) بخ بخ (يوحي بعضهم إلى بعض) ولم تبشر المسلمين كافة والناشئة المتمدنة خاصة بسائر البدع العصرية لا جرم أنك لو بشرت هؤلاء المتمدنين بها قبل ما بشرتهم بشيء لا علاقة بينهم وبينه ولا تعارف لكانوا أكثر سروراً منك واشد غبطة بفضلك هذا ما حضرني الآن راجياً تغاضيك عن مزجاة بضاعتي وعسى أن تعود فنعود.