لا تئن دمشق من شيء أنينها من بعض خاصتها وزعمائها من أغفلوا شؤونها. واشتغلوا عنها بذاتياتهم وشهواتهم فلا ترى منهم إلا الانكباب على جمع المال، والسعي الحثيث للاستئثار به، ولا تنظر إلا المسابقة لنيل الرتب والأوسمة والمفاخرة بالبذخ والترف، ولا تشهد إلا الرغبة في تولي المناصب، والحصول على الرواتب تراهم ذلك شأنهم. وتلك سنتهم رقي الوطن أو انحط. حسنت الأحوال أو ساءت. عزّ الدين أو ذل. قويت الحكومة أو ضعفت. راجت التجارة أو بارت. تأخرت الزراعة أو تقدمت. نمت الصناعات أو انقرضت. عمرت معاهد العلم أو درست. عاش الفقير أو مات. أكرم الغريب أو أهين. أمر بالمعروف أو لم يؤمر. نهي عن المنكر أو لم ينه.
إن دمشق قاعدة البلاد السورية. مدينة الدين والعلم. مدينة الفضل والنبل. مدينة التجارة والصناعة لم تبلغ ما بلغته من الجهل الفادح. والفقر المدقع إلا بفضل إهمال خاصتها وزعمائها. وفترتهم عن القيام بما يجب لها عليهم.
عهدت دمشق من زمن غير بعيد أن ترى من خاصتها وزعمائها السعي وراء المصلحة العامة. والتفاني في خدمة الوطن ولم تعهد منهم هذا الفتور والإغضاء. ولم يمر بخيالها لأن الأمر يصل بها إلى ما وصل بعد ما سجل لها التاريخ جلائل الأعمال وروى عنها كرائم الخصال.
إن دمشق بحالتها الحاضرة. ومركزها من دولة الخلافة العظمى تحتاج إلى إصلاحات جمة وتنظيمات عدة ليس لها من يقوم بها إلا الخاصة والزعماء ذلك لأن البعض من تلك الإصلاحات والتنظيمات ليس للحكومة مداخلتهم فيه كانتخاب أكفاء للمجلس النيابي وغيره من المجالس الوطنية والبعض الآخر هو بهم ألصق منه بالحكومة كجمع الإعانات للنوازل والفقراء.
تحتاج دمشق إلى تنظيم معاهد العلم فيها سواء الأميرية والأهلية. وتجديد مدارس تفي بما تحتاجه من العلوم سيما الشرعية منها فهي أس النجاح. وعليها مدار التقدم وقد قلت العناية بها في المدارس الأهلية. كما أنها أضحت كأن لم تكن شيئاً في المدارس الأميرية.