ونصبوا وجوههم لوقع السيوف في إعزاز كلمته بلا دنيا بسطها لهم ولا أموال أفاضها عليهم ولا غرض في العاجل أطمعهم في نيله يرجونه فهل تتم هذه الأمور لغير نبي؟ أو تتصور لمن ليس له عون رباني ومدد إلهي؟.
كيف يعلل الملحد هذا التأثير الهائل الذي لم يسبق مثله ولم يحفظ نظيره والتاريخ أكبر شاهد وحوادث الكون أعدل ناطق.
ألا يخجل المكذب برسالته صلى الله عليه وسلم من أن يتهم نواميس الحكمة الوجودية وقوانين الحياة الإنسانية بهذه التهمة الباطلة.
هل عهد الناس أن الحكمة الإلهية تؤيد المبطلين وتقر المتقولين وتعلو برؤوسهم فوق الرؤوس أجمعين؟.
هل عهد الناس أم العدالة الإلهية تنصر المدعين للرسالة وترفعه من شأنهم حتى يسود دينهم على سائر الأديان ويبقى حجة قائمة إلى الآن؟.
الله أكبر إذا تشكك الإنسان في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فبأي رسالة بعدها يصدق؟ وبأي رسول غيره يؤمن؟ رسول أيدته الحوادث وشهدت له الوقائع وأقام الوجود له من دلائل الشهود مالا يسع العقل إنكاره ولا يسوغ للبصيرة جحوده فبأي حيلة يجحده الجاحد؟ وبأي جسارة يكذبه المكابر؟ من ينكر أنه عليه الصلاة والسلام أقرب الأنبياء إلينا عهداً؟ وأقواله وأفعاله وأحواله وسيرته محفوظة في الصدور والسطور تناقلتها الأمم عن الأمم من عهد مبعثه إلى اليوم ومن شاء التفضيل فليراجع كتب الشمائل والسيرة.
وفي الأحياء للغزالي بعد ذكر من شمائله وأخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم فأعظم بغباوة من ينظر في أحواله صلى الله عليه وسلم ثم في أقواله ثم في أفعاله ثم في أخلاقه ثم في معجزاته ثم في استمرار شرعه إلى الآن ثم في انتشاره في أقطار العالم ثم في إذعان ملوك الأرض له في عصره وبعد عصره مع ضعفه ويتمه ثم يتمارى بعد ذلك في صدقه وما أعظم توفيق من آمن به وصدقه واتبعه في كل ما ورد وصدر أهـ فنسأل الله تعالى أن يوفقنا للاقتداء به بمنه وسعة جوده. يتبع