إن الزمن الجاهلي قد أبقى عادات سيئة. ولم يزل بعض المسلمين مصراً على العمل بها، إما جهلاً بأن الدين الإسلامي قد أنكرها، وتجاهلاً مع العلم بخروجها عن دائرة الشرع المنيف.
من تلك العادات ما كثر في هذه الأزمنة من اقتناء التماثيل والصور واستعمالها في الأواني والملبوسات والمفروشات ميلاً لاستحسان عوائد الفرنجة بسبب شيوع التفرنج بين بعض مدعي التنور واتخاذ البعض لها صنعة يتعيش بها ويعدون كل ذلك من الترقي.
النفوس الشريرة لها على أصحاب العقول القاصرة سلطان قاهر وحكم نافذ يصعب التخلص منه. إن لم يلجئوا للانقياد لأوامر الشرع ونواهيه.
التماثيل والصور بمعنى واحد جمع صورة تمثال يطلقان لغة على الشيء المصنوع مشبهاً بخلق من خلق الله أعم من أن أيكون مجسماً أو منقوشاً حيواناً أو غيره ويطلقان أيضاًُ على الأوثان والأصنام التي كانت الجاهلية الملحدة تتخذها آلهة من دون الله.
وقد أحلت بعض الشرائع جواز عمل التماثيل والصور قال الله تعالى:(يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل).
قال المفسرون كانت الجن تصور صور الأنبياء والعباد في حال عبادتهم يجعلونها من نحاس وغيره ويضعونها في المساجد ليراها الناس فيتعبدون بمثل عبادتهم وكان ذلك جائزاً في شريعة سليمان عليه السلام.
وما زال أمر التماثيل قبل الإسلام يتعاظم حتى صار الناس يعبدونها ويتخذونها آلهة من دون الله.
جاء الدين الإسلامي بالتوحيد الخالص فأبطل الأوثان وكسر الأصنام وأنكر التماثيل ومزقها ومنع اتخاذها على وجه يأتي تفصيله سداً لداعية الفساد وحسماً لعروق الشرك والعصيان.
عمل التماثيل إما أن يكون فيه مضاهاة لخلق الله أو تشبه بالوثنيين أو اقتناء لما عبد من دون الله. (وابغض الأشياء وأفظعها الاقتراب مما عصى به الله).
ربما قال المتفرنجون أننا لا نقصد كل ذلك لأن هذا الوقت منير لا يصح فيه شيء من تلك الخزعبلات والتماثيل إنما نستعملها تذكاراً لمن مضى وتقدير لأعمالهم وتخليداً لذكراهم وللتصوير سر في المدنية غامض لا يصل لإدراكه إلا المتنورون.