والأعجب أنهم يدعون أنهم خولوا المرأة من الحرية والاحترام ما لم تحلم به الفتاة السورية أو المصرية أو أي فتاة تحت سماء الشرق إلى أن قال: لم تطالب المرأة الأوروبية أو الأمريكية بالحرية حتى منحوها إياها ليس احتراماً ولكن تخلصاً منها وطمعاً في الانتفاع بتعبها وقد حسبت المرأة أن ذلك نعمة لها تفاخر بها بنات جنسها وكانت النتيجة أنها دخلت في زحام كانت في غنى عنه واستدرجت إلى مواقف لا تأمن معها المزلة. وفضلاً عن أنها فقدت مركزها الأنثوي الطبيعي الجميل فإنها أخذت تفقد جمالها فرأسها الصغير أصبح كبيراً وشعرها الكثيف المسترسل أصبح ضعيفاً وربما أصبحت بعد قليل صلعاء من إدمان التفكير وجسمها الرقيق أصبح خشناً وغليظاً من إدمان العمل_وناب عن حيائها الذي تقابله القلوب بالخفقان عين لا تطرف وأصبح لبسها الذي كانت تختاره من الألوان الزاهية وتبالغ في التأنق فيه بسيطاَ قصيراً بل ربما عدلت عنه إلى لبس الرجال لتستطيع معه العمل. وبيتها الذي كان موضع اهتمامها تزينه وتزخرفه أصبح اليوم غرفة بسيطة لا يقر بها الناظر ولا يبتهج لها الخاطر_وعلى الجملة فقد أصبحت المرأة بفضل هذه المدنية مسترجلة وإذا كان التاريخ يستفظع وأد بعض رعاع العرب في الجاهلية وليداتهم خوف العار فكم يكون استفظاعه لإعدام حياة كثيرات من الفتيات في هذه المدنية. .
هذا وقد كان لكتابة الكاتب المغربي وقع سيء في نفوس المسلمين ولذا انهالت عليه الردود فرأى التخلص من ذلك بإلزام من اعترضه بالقول بالجواز منشر سؤالاً في (المفيد والمقتبس) خلاصته_هل القروي إذا تزوج مدنية أن يمنعها عادات أهلها ويكلفها عادات أهله كأن يحظر عليها استعمال الإزار والمنديل خوف المثلة ويأمرها بوضع خمار تديره حول رأسها وتسدله على صدرها وبالذهاب إلى محل شغله على هذا الزي لتساعده كما يساعد الرجال نساء الحي فتخدم كما يخدمن وتعلف الدواب كما يعلفن وتجمع أكداس الحصيد على البيدر وتهيء له ولضيوفه الطعام وغير ذلك.
ويعلم الجواب عنه بعدم الجواز مما كتبناه في رد الشبهة الرابعة فراجعه إن شئت في الختام نضرع إلى الله أن يهدينا والكاتب سواء السبيل ويحمينا جميعاً من التفرنج والتضليل إنه أكرم مسؤول وأجل مأمول.