(عبد الملك بن مروان الأموي رحمه الله): خطب يوماً فقال أيها الناس اعملوا لله رغبة ورهبة فإنك نبات نعمته وحصيد نقمته ولا تغرس عليكم الآمال إلا ما تجتنيه الآجال وأقلوا الرغبة فيملا يورث العطب، فكل ما تزرعه العاجلة تقلعه الآجلة، واحذروا الجديدين فهما يكران عليكم إن عقبى من بقي لحوق بمن مضى وعلى أثر من سلف يمضي من خلف فتزودوا فإن خير الزاد التقوى كفانا الله وإياكم سطوة القدر وأعاننا بطاعته على الحذر من شر الزمن، ومضلات الفتن وقال أربعة لا يستحي من خدمتهم السلطان والوالد والضيف والدابة.
أفضل الرجال من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وانصف عن قوة، وطال اطلبوا معيشة لا يقدر السلطان على غصبها فقيل له ما هي فقال الأدب، حقد السلطان عجز، من صغر مقتولاً فقد أزرى صاحبه.
وقال له رجل أريد أن أسر لك شيئاً فقال عبد الملك لأصحابه انهضوا فلما أراد الرجل الكلام قال له عبد الملك قف لا تمدحني فإني أعلم بنفسي منك ولا تكذبني فإنه لا رأي لكذوب ولا تعب عندي أحداً فقال إذاً تأذن لي بالانصراف قال إذا شئت. . وأوصى بنيه فقال: أوصيكم بتقوى الله فإنها أزين حلية وأحصن كهف، ليعطف الكبير منك على الصغير، وليعرف الصغير حق الكبير وانظروا (مسلمة) فأصدروا عن رأيه فإنه نابكم الذي عنه تفترون ومجنكم الذي عنه ترمون وكونوا بني أم بررة لا تدب بينكم العقارب وكونوا على الحرب أحراراً فإن القتال لا يقرب ميتة وكونوا للمعروف مناراً فإن المعروف يبقي أجره وذكره، وضعوا معروفكم عند ذوي الإحسان فإنهم أصون له وأشكر لما يؤتي إليهم منه، وتعهدوا ذنوب أهل الذنوب فإن استقالوا فأقيلوا وإن عادوا فانتقموا. وددت أني كنت أكتسب يوماً بيوم ما يقوتني وأشتغل بطاعة الله. وددت أني عبد لرجل من تهامة أرعى غنماً في جبالها وأني لم أك شيئاً. يا دنيا ما أطيبك إن طويلك قصير وإن كبيرك لحقير وإن كنا منك لفي غرور. إن من يمن السائس أن يأتلف به المختلفون، ومن شؤمه أن يختلف به المؤتلفون. قال الوليد لأبيه عبد الملك يا أبت ما السياسة قال هيبة الخاصة مع صدق مودتها واقتياد قلوب العامة بالإنصاف لها واحتمالها.
وقال لابنه الوليد وكان ولي عهده يا بني اعلم أنه ليس بين السلطان وبين أن يملك الرعية