كنا نعلل النفس وندفع الأحلام المخيفة ونتصور أن أمم القرن العشرين ناشرة المدنية والحضارة. . .
ترجع إلى الحق وتكف عن التحامل على المسلمين وترحم الإنسانية التي وصل أنينها إلى السماء فسمع صداها وأراد الحق أن ينتقم للمظلوم من الظالم وهكذا قضت الإرادة الإلهية أن تمحق أمم التوحش من عالم الوجود رأفة بالعبادة ورحمة للخلق وبينما كنا نتصور بأن دول الغرب التي تسعى وراء الوئام والسلام هي التي تنتقم للإنسانية من تلك الأمم المتوحشة التي أحرقت الأخضر واليابس ومثلت ببني البشر بلا استثناء تلك الفظائع التي لم يسمع بأن الحيوانات المفترسة والوحوش الضارية تقدم على مثلها وما الفرق بين وحوش أفريقيا وبين الأمة البلغارية التي عزم محالفوها أن يمحوها من سفر الوجود بالنظر لما بدا لهم من توحشها وخطر وجودها على المجتمع الإنسان ولكن عداوة الدين التي لا يرجى لها مودة هي التي تضطر دول الغرب بأن يغمضوا العين ويتعاموا عن تلك الفظائع كي يحولوا دون ثأر الأمة الإسلامية لنفسها ولم أعلم ما الذي يخول هذه الدول بان يرجعوا العثمانيين إلى ما وراء خط ميديه بعد أن تمرد البلغار ولم يخل المواقع التي اتفق عليها مع أن العثمانيين الذين كان ينتظر بان يدفعهم حب الانتقام لأن يعتدوا بمثل ما اعتدى عليهم مشوا بكل وتؤدة وسكينة مما برهن للعالم بأن الأمة الإسلامية هي أحق بالمدنية والحضارة التي تزعمها دول الغرب وإني لأخال في أن زحزحة الأرض أو خر الجبال أهون من إخلاء أدرنة من العثمانيين بعد أن استرجعوها بحق صريح ولا أظن بأن دول أوروبا يغرب عليها إن أصرت على العناد في أن صرخة واحدة في الهند وصيحة بإفريقيا تكفي لأن تثير عواطف المسلمين الذين سئموا حياة الذل وعيشة العار
لا تسقني ماء الحياة بذلة ... بل فاسقني في العز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم ... وجهنم بالعز أفخر منزل
وعندئذ تزلزل الأرض زلزالها وتخرج الأرض أثقالها ويستريح الكون من مظالم البشر ولكن لا لمثل هذا خلق الله الكون ولا لأجل التدمير والتخريب منّ الله على الإنسان بالعقل