والحكمة بل ليستخرج الآلات ويستخرج كنوز الأرض ويعيش من كده وتعبه لا أن يأكل القوي الضعيف ويطمع الغني في الزيادة حتى إذا بلغ حد الكمال وتناهى في كل شيء دارت الدائرة عليه وانعكست القضية لديه ويهيأ الله له من يكون أقوى منه ويسلبه ما امتلكه بالقوة سنة الله في خلقه وهكذا من أمعن النظر في تواريخ الأمم تنجلي له الحقائق ويعلم بأنه ما من دولة كانت فتوحاتها كبيرة إلا وتوالى عليها الضعف إلى أن تتلاشى رويداً رويداً وكما أن الشرق كان قد ابتلع الغرب فالغرب يريد أن يبتلع الشرق وإذا قوي العرق الأصفر فيعود لابتلاع الشرق والغرب والأرض أرض والسماء سماء لم ينقص منهما شيء ولم تتبدل من الأرض حاجة غير أن تلك النفوس تذهب ضحية مطامع المسلوك حتى قيام الساعة فلو أن دول الغرب الذين كفة السلم بيدهم يسعون وراء نبذ المطامع ويكتفون بما في أيديهم أما كان خيراً لهم من أن يكونوا مهددين للخطر ومعرضين لنزول الصواعق.
يعرى ويغرن من أمسى على طمع ... من المكارم وهو الطاعم الكاسي
إن المطامع ذل للرقاب ولو ... أمسى أخوها مكان السيد الراسي
اللهم أنزل الرحمة في قلوب عبادك وألهمهم سبيل الرشد وطرق الهدى.
أمير زاده محمد سعيد
(الحقائق) هذا ما كتبه حضرة الأمير المشار إليه وهو غاية في الشهامة والحمية، وآية واضحة في علو الهمة وصدق الوطنية ولا غرو فالأمير حفظه الله قد ورث هذه المحامد كابراً عن كابر فلم ينس الناس مسارعة والده إلى الحرب الطليانية ومغادرته وطنه إلى البلاد الطرابلسية كما أنهم لم يذهلوا عن جهاد جده المقدس ووقوفه السنين الطويلة أمام دولة عظيمة من دلو الغرب ونعني بها دولة فرسنا ولقد عجبنا كما عجب كل عاقل من انتقاد بعض أصحاب الأغراض لهذه المقالة الممتلئة حماساً وغيرة ورمي كاتبها بسوء النية بدعوى أن الأوروبيين أصبحوا أقوى وأعرف وأغنى منا فعلينا أن نحترم مشيئتهم وأن وأن إلخ إلخ.
ولو أدى ذلك إلى خروجنا من أدرنه - وقلنا أن هذا الاستسلام والخضوع لأوروبا هو الذي أوصلنا إلى هذه الحالة التعيسة واستغربنا كيف يصدر أمثال هذه السخافات من وطني مسلم وكيف رضي له إسلامه ووطنيته باختيار ما تشاء أوروبا ولو أدى إلى تسلمي أردنه في