يقال أن بعض الناس يطلبون من أهل العلم الغيورين على الدين تأليف جمعية تضم شتات الشبان العصريين وتؤلف بينهم وبين المتدينين وتزيل سوء التفاهم الحاصل بينهم وتدحض ما علق بقلوبهم من الشبه. وما انتابهم من الشكوك والأوهام وتفهمهم أن الدين الإسلامي والعلم الصحيح أخوان توأمان وفرقدان متلازمان وأن الدين يحرض على العلم ويدعو إلى النظر في عالم السموات والأرض ويطلق للعقل عنان الفكر ليذلل لخدمته الكائنات. ويزيد إيماناً بخالق هذه المخلوقات. وأن العلم يثبت أن الدين الإسلامي خير دين يدين به البشر وكلما زاد العلم تقدماً زاد رونق الدين الإسلامي ووضحت تكاليفه وظهر أنه خليل العقل وصديقه وحجتهم في لزوم هذه الجمعية أنهم يرون أكثر الشبان الذين يتعلمون هذه العلوم الطبيعية يمرقون من دينهم أو يشكون من عقائدهم غير مستمسكين بالدين ولا متخلقين بأخلاق المسلمين.
بلغنا هذا الاقتراح فاستحسناه ولكن وجدنا من الصعب تحقيقه لذلك أحببنا أن نشرح أحوال هؤلاء الشبان ونبين لمن يرغب منهم في التعلم والاهتداء بهدي الدين أن إزالة شبههم لا تتوقف على تأليف هذه الجمعية لوجود ما يغني عنها فنقول.
العصريون المطلوب إصلاحهم هم من تعلموا العلوم العصرية مع عدم تعلمهم أو إتقانهم على الدين وهؤلاء ينقسمون إلى ثلاثة أقسام القسم الأول وهو أكثرهم وأشدهم ضلالاً من وقف عند المادة وأنكر ما وراءها فهو لا يعبأ بالدين وما هو عنده إلا خرافات وأوهام ونزغات شيطان فهذا لا تنفع فيه المواعظ ولا تؤثر فيه النصائح والقسم الثاني من ضرب العلوم الدينية بسهم ضئيل فهو حيران لا يدري أي شيء يغلب عليه. الدين أم الإلحاد فهو بين بين تتنازعه عواطف الزندقة وصبا التدين فهذا يطمع في هدايته وإن كان بعيداً ويرجى برؤه وإن كان عنيداً والقسم الثالث من يغلب عليه حب الدين والتدين ولكن لا تفتأ نزغة الإلحاد توحشه وتقلقه. وتبعده وتقربه فهو يتفانى في حب الدين ويزداد شغفاً وشوقاً إلى ترقي المسلمين.
ويريد أن يزيل ما علق بقلبه من الشبه ولكن لا يدري أي طريق يسلك. لا أي باب يطرق فالواجب على أفراد هذين القسمين أن يتعهدوا مجالس العلم ويطرقوا أبواب الأساتذة يسئلونهم عما طرأ عليهم من الشبه ليزيلوا شكوكهم ويحلوا مشكلاتهم يقولون لو أتينا هؤلاء