من أعظم ما يجب على الأمة الإسلامية بعد الإيمان بالله تعالى ورسوله الأعظم سيدنا محمد بن عبد الله القرشي صلى الله عليه وسلم الجهاد في سبيل الله تعالى لتكون كلمة الله تعالى هي العليا. وما دام هذا الأمر غير تام وهي قادرة على إتمامه لا تزال موصوفة بالقصور، مرتكبة للإثم، مجزية بالهوان والتقهقر.
الجهاد أن تبذل الجهد في نيل القصد وهل يكون قصد يبذل الجهد فيه لينال أشرف وأعلا من قصد إعلاء كلمة الله تعالى.
فإذا أردت الجهاد وأحببته ولم تبذل النفس والمال لا تكون مجاهداً. والمسلم إذا لم تكن نفسه وماله رخيصتين في جانب هذا المقصد لا يكون قائماً بالواجب المأمور فيه بالقرآن العظيم بقوله سبحانه (انفروا خفافاً وثِقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون).
الأمة الإسلامية مقصرة في هذه الأزمنة المتأخرة بهذا الواجب تمام التقصير لذلك تراها عرضة لتسلط الأعداء عليها وجعلها تحت سيطرتهم وتهديدهم وتمكنهم من انتهاب أملاكها حتى وصل الأمر فتجاسرت (إيطاليا) عليها تلك الدولة التي لا تعد شيئاً في جانب القوة الإسلامية وهي المشهورة بحب الخلاعة والسفالة وعدم المبالاة بشرف العرض والنسب.
فأشهرت حرباً على جزء مهم من البلاد الإسلامية وهو (طرابلس الغرب وتوابعها) وأرسلت عليها قوتها البحرية والبرية على حين غفلة من المسلمين والدولة العثمانية صاحبة الخلافة العظمى. لم يشعر المسلمون القاطنون هناك إلا والعدو دخل عليهم ولما أن وصل قام قومة الوحش الضاري والكلب العقور فأخذ يفتك بالأطفال والشيوخ والنساء ويذيقهم أشد العذاب وأمرّ الهوان مع أن جميع الشرائع السماوية والقوانين الوضيعة لا تجوز التعرض لمثل هؤلاء الضعفاء المساكين.
هكذا يا أيتها الأمة الإسلامية أفعال أعدائك اللئام والهمج الطغام إذا تمكنوا من المسلمين يذبحون أبنائكم ويهتكون حرمات نسائهم ويمثلون بشيوخهم (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) فأفيقي يا أيتها الأمة المسكينة من هذا السبات العميق وتمسكي بدينك القويم وأدي واجبه العظيم. ارجعي إلى سيرة سلفك الصالح وانظري كيف كان حالهم مع الأعداء وكيف كان عملهم إذا أصيب جزء من المسلمين بضراء. الدين يأمر بالجهاد بالأموال والأنفس. الدين