أما وقد ظهر ما تكن ضمائرهم من البغض للإسلام وأهله والعمل على تلاشيه على لسان فلاسفتهم وكتابهم فليس لحسن الظن فيهم وانتحال الأعذار لهم وجه من الحسن.
هذا وقدمني الإسلام بزمرة من المتفرنجين تربوا في مدارس الفرنجة واغتروا بزخرف مدنيتها يحسنون للعامة دخول تلك المدارس وينسبون المتشائمين منها والمنفرين عنها إلى التعصب الديني ويعدونه علة لكل بلاء ومصدراً لكل عناء وسداً منيعاً بين المتصفين به وبين الفوز بالنجاح. تلك فكرة أوربية دسها المبشرون بالمسيحية لقضاء مآربهم لما علموا أن أقوى رابطة للمسلمين إنما هي الرابطة الدينية وأن قوتهم لا تكون إلا بالعصبية الاعتقادية وأنهم ما داموا مستمسكين بدينهم متعصبين لعقائدهم يصعب امتلاكهم وتعسر ملا شاتهم فرأوا بث هذا الفكر الساقط بين السذج من المسلمين على لسان متفرنجيهم لينقضوا بذلك بناء الملة الإسلامية (لا سمح الله) ومن غريب أحوال الغربيين أنهم يرمون التعصب الديني بأشد عبارات التقبيح والازدراء وهم أشد الناس تعصباً لدينهم وأحرصهم على القيام بدواعيه ولا يزالون يلزمون حكوماتهم حماية دعاة الدين والقائمين بنشره وينفقون النفقات الباهظة للمبشرين وأتباعهم ولتغرير عقول بعض البله ليردوهم عن دينهم وإذا تسنى لأحد المبشرين أن فاز ببغيته وتمكن من الاستيلاء على فكر أحد المخالفين له بالعقيدة عدوا ذلك حسنة لذلك المبشر وأعطوه من الألقاب ما يعطونه لقائد الحروب وفاتح الثغور. وقد آن أن نبين مضار دخول المسلمين مدارس الأجانب وتعليمهم فيها. لها بقية