بها إلى أن قال إن طريقة تربية أولاد المسلمين في المدارس المسيحية وإن كان لها من التأثير ما بيناه فإن تربية البنات في مدارس الراهبات أدعى لحصولنا على حقيقة القصد ووصولنا إلى نفس الغاية التي وراءها نسعى بل أقول أن تربية البنات بهذه الكيفية هي التربية الوحيدة للقضاء على الإسلام عن يد أهله. وقال في موضع آخر أن التربية المسيحية أو تربية الراهبات لبنات المسلمين توجب للإسلام في داخل حصنه المنيع عدوة الدَّاء لا يمكن الرجل قهرها لأن المسلمة التي تربيها يد مسيحية تعرف ولا شك درجة اعتبار المرأة في المجتمع الإنساني وتكتسب من المعارف ما يبرر أطماعها في الاستقلال ويقوي آمالها في الارتقاء فتعرف كيف تتغلب على الرجل حيث تقوى رغبتها في الاستزادة من المعارف وتطلب علم ما لم تكن تعلم فتكثر من مطالعة الكتب جدها وهزلها حتى تظهر لها وظيفة المرأة ممثلة في مرآة الصور فلا تكتفي بأن تكون هي الزوجة المفضلة بل تحتم أن تكون الزوجة الوحيدة وتصبح وحدة الزوجة بتأثير المرأة من الأمور الاعتبارية في الطبقات العالية كما هي الآن لدى أغلب الأتراك بتأثير الفقر ومتى تغلبت المرأة هكذا تغير نظام العائلة بالمرة وأصبح في قبضة تصرفها وهنا تظهر له تربية الراهبات لأنه سهل على المرأة والحالة هذه أن تؤثر على إحساس زوجها وعقيدته فتبعده عن الإسلام وتربي أولادها على غير دين أبيهم وفي اليوم الذي تغذي الأم فيه أولادها بلبان هذه التربية وتطلعهم على هذه الأفكار تكون المرأة قد تغلبت على الإسلام نفسه.
تلك هي أقرب الطرق وأنجح الوسائط لمحاربة الإسلام بأهله بدون جلبة ولا ضوضاء وهي لا شك أدعى لنوال المآرب وبلوغ المرام فليس لنا إلا اتباعها أما السعي جهاراً في محاجة المسلم وإقناعه بما هو عليه من الضلال فإنه يوقظ عوامل التعصب الكامنة في نفسه الساكنة بين جوانحه فلا يمكن تذليله وهذا ليس من الحزم في شيء أهـ.
فهل بعد نقل ما قاله فيلسوف الغربيين وكاتب من مشاهير كتابهم يرتاب ذو مسكة من الفهم في سوء نواياهم نحو الإسلام والمسلمين.
يتشدق الغربيون بحب التمدن وخدمة الإنسانية وحرية الاعتقاد واحترام الأديان وهو كلام يريدون به ذر الرماد في العيون وتخدير أعصاب المسلمين كيلا تحس بشيء مما يحيط بها من المخاطر والمهالك بسبب تداخلهم في شؤونهم وعملهم على محو سلطتهم واستقلالهم