[قطرات الدمع الحميم]
في رثاء الصديق الحميم
إِيه يا مُقلتيَّ بالدم سيلا ... واجعلاَ صفحتي خدودي مسيلا
فلو أن الأمطارَ وهيَ غِزارٌ ... بعضُ دمعي لم تُغن عني فَتيلا
أذرفاه عسى يخفف وجداً ... أوسع القلب لوعة وغليلا
فلقد نَابني مُصابٌ براني ... وأرانيَ يوماً عصبياً طويلا
نابني فاجع أمضَّ فؤَادي ... مسعراً فيه داءُ حزنٍ دخيلا
إذْ فقدتُ الفتى (أبا الخيرَ مولا ... ي الكريم (الطباع) ذاك النبيلا
لمَ يصل نعيهُ المسامِعَ حتى ... مَلاَء الشام حسرةً وعويلا
فعليهِ القلوب ظَلَّت تقاسي ... نعيه المرَّ أو حساماً صقيلا
لهف نفسي عليه من لوذعِيّ ... فَقدُه لمَ يدَعْ لصبري سبيلا
لهف نفسي عليه خِلاًّ وَفيَّاً ... كنت أَلْقاهُ ذلك المستحيلا
لهفَ نفسي عليه بَرَّاً تقياً ... عالماً عاملاً هماماً مَثيلا
لم أصادف له لكي أَتَعزَّى ... بين أقرانهِ الكرامَ مثيلا
شَبُ يضني في طاعة الله جسماً ... مثل صبري عليهِ نِضواً هزيلا
وكذاك الشهم السمين المعالي ... يفتدي جسمهُ نحيفاً نحيلا
ظَل بالعلم مُغرماً مع خلق ... كنسيم الصبا عليلاً بَليلا
وحوى العلم ناشئاً فتصدَّى ... لمقام التدريس شيخاً جليلا
ولِسرٍّ استأْثر الله ... بهِ فاغتدى لديه نزيلا
يا أَبا الخير لَست أنسى حياتي ... خلتي ما بكى الحمام الهديلا
يا صديقي الحميم هذا فؤّادي ... بحميم الأسى عليك غسيلا
لم تزلْ بيننا وعهدك حياً ... خالداً بالثناء جيلاً فجيلا
مثلما قد حييت في دار خلد ... حيث تسقى التنسيم والسلسبيلا
يا أَبا الخير لا عدتك الغوادي ... رائحاتٍ حيث اتخذت مقيلا
وحبتك التجليات حلاها ... حيث تلقي عليك ظلاً ظليلا