الإيمان بالملائكة عليهم السلام أصل من أصول العقائد الإسلامية وركن من أركانها فيجب على المكلف أن يصدق بوجودهم ويعتقد اعتقاداً جازماً لا يشوبه شك بأنهم عباد مكرمون خلقهم المهيمن جلت قدرته لطاعته وشغلهم بعبادته يسبحون الليل والنهار لا يفترون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون يخافون ربهم من فوقهم وهم من خشيته مشفقون لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة ولا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون عصمهم من الكدورات البشرية والرعونات النفسانية والشهوات البهيمية وأقدرهم على أشياء يعجز الإتيان بها البشر كقطع المسافة البعيدة في أسرع من لمح البصر وحمل الأشياء الثقيلة كالجبال والبلاد من غير أن يمسهم تعب أو يحل بهم اضطراب أو كسل فهم جنود الله تعالى لا يحصى عددهم غيره ولا مرية في أن الإيمان بهم يبعث الإنسان على الإذعان لقيوم السموات والأرض والاعتراف بقدرته الباهرة التي أقامت هذا الوجود على دعائم الحكمة وكمال الانتظام.
الملائكة عليهم السلام ذوات موجودة قائمة بأنفسها واختلف في حقيقتهم والمذهب الحق الذي عليه جمهور المسلمين أنهم أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة شأنهم الطاعة ومسكنهم السموات ومنهم من يسكن الأرض أخرج الترمذي وابن ماجة من حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك ساجد. وفي الطبراني من حديث جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في السموات السبع موضع قدم أو شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد.
وقد أقامهم الله تعالى على وظائف مخصوصة منهم من شأنه الاستغراق في معرفة الله والتنزه عن الشغل بغيره ومنهم رسل بين الله وأنبيائه ورسله كجبريل عليه السلام ومنهم من هو موكل بقبض الأرواح كعزرائيل عليه السلام قال تعالى:(قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) ومنهم حفظة على العباد قال تعالى: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ومنهم من يكتب أعمال العباد قال تعالى: (وإن عليكم لحافظين كراماً