من هنا يتضح أن الله أرسل لكل أمة رسولاً وكتاباً وجمعهم على دينه قروناً وأحقاباً وها نحن في زمان أخذت فيه الأمم تتعارف لتتبادل الأفكار والعلوم والمرافق الحيوية وأخذت نواميس الحياة تسوقها سوقاً إلى وحدة العقائد كما وحدتها في المدركات العلمية والعملية من هنا حدث شعور عام بضرورة وجود دين عام وكيف يمكن أن يكون للإنسانية دين عام وجميع الأديان التي أمامنا تكلف الأمم بالانخلاع من شخصيتها التي اكتسبتها في عشرات من القرون والتقمص بشخصية جديدة تعادي معها دينها السابق وتكفر بسائر أنبيائها وتعدهم كذابين مزورين وتحتقر جميع مقدسيها وأقدميها لا جرم أن أمثال هذه الأديان المحرفة لا يستطيع أحدها أن يكون ديناً عاماً مطلقاً ما دام لم ينظر لمجموع الإنسانية كلها بنظر الملم بأحوالها المراعي الحكمة في تكليفها. على أن في محاولة هذه الأديان خلع من يتمسك بها من كل ما كان يعتقده قبلاً ودفعه للكفر بجميع ما كان فيه يعد جوراً وميلاً عن الحق الظاهر لأنه (ما الذي يرجح للإنسان أن يعتقد بعيسى ويكفر ببوذى مع العلم بأن الاثنين أسسا ديناً وجاءنا بإصلاح كبير واتبعهما خلق كثير وكان سواء في الصلاح والتقوى وحب الإنسانية؟ وما الذي يرجح له أن يحترم الأناجيل والقديسين النصارى ويحتقر كلما له علاقة بديانة بوذا مثلاً.
لا شك أن لا مرجح يحمل الإنسان لأن يعتقد برسول دون رسول وبكتاب سماوي دون كتاب آخر كون أمة وأحياها إلا الجور في الحكم والميل مع الوراثة والتقليد فالعدل كل العدل أن يعتقد الإنسان بكل رسول أرسله الله للأمم مستدلاً على رسالته بآثاره وأعماله وتاريخ حياته فيؤمن بجميع رسل الله إجمالاً وبجميع كتبه جملة تاركاً التعصب الذميم والانتصار لأحد المرسلين دون الآخرين جاعلاً دينه قوله تعالى: (آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمين) هذا هو الدين الحق العادل الصالح لأنه يجمع كافة الشعوب والأمم ويؤاخي بينهم ويرضيهم جميعاً وينزع من قلوبهم العداوة والبغضاء والسخائم القديمة الموروثة بسبب كفر بعضهم بأنبياء بعضهم واحتقار بعضهم بكتب بعض.
هنا تنجم مشكلة تعوذ حلاً مقبولاً وهي أن جميع الكتب الدينية التي بأيدي الأمم محرفة