لاريب في أن كل عالم بما بني عليه الدين الإسلامي من دعائم العمران وآداب الاجتماع ينفطر قلبه حينما يشاهد من ناشئة العصر أناساً جاهلين بتاريخه غير واقفين على حقيقته. ذلك الدين الذي صارت هذه الأمة بسببه أرقى الأمم أخلاقاً وأحكمها ارتباطاً وأشدها باساً وأكثرها اعتناء بالإنسانية، وقد سرنا ما ينشره في هذه الآونة حضرة الكاتب الألمعي الشيخ محي الدين أفندي الخياط باسم (دروس التاريخ الإسلامي) حيث وجدناه ضالتنا المنشودة فإنه جمع في ذلك خلاصة ما ينبغي لناشئة المسلمين أن يطلعوا عليه بعبارات قلت ألفاظها وكثرت فوائدها على طريق مختصر وأسلوب سهل فجزاه الله على هذا العمل خيراً ووفقه لإتمام هذا المشروع المفيد. غير أن موضوعاً كهذا الموضوع الجليل المخترع في أسلوبه قد لا يسلم من هفوات شأن كل عمل في مبدئه. وكنا اطلعنا على الجزء الثاني وكتبنا عنه جملة مختصرة في عدد من هذه المجلة ووعدنا أن نبين رأينا فيه. وها نحن نذكر ما عثرنا عليه مما يلزم بيانه إيفاءً بالوعد وخدمة للتاريخ جملة ما انتدبناه عليه ثمانية أشياء:
عدم إتيانه بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم كلما كتب اسمه الكريم. مع أن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم فرض على كل مؤمن فقد أنقذنا عليه الصلاة والسلام من الظلمات إلى النور وخلصنا من غياهب الجهل الحالك إلى مشارق أنوار العلم وطهرنا مما كان عليه الجاهلية وعبدة الأوثان حتى بلغنا أرقى ذروة في الآداب وانتهينا إلى أشرف مدينة محفوفة بأحسن الأخلاق وأسدى غلينا صلى الله عليه وسلم من الإحسان مالا نبلغ معشار واجب شكره فجزاه الله عنا ما هو أهله. وكيف لا يجب علينا أن نربي الناشئة على تعظيمه صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى:
[إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه كلمتنا دروس التاريخ الإسلامي (الحقائق ج٨م١) وتوقروه] أي تجلوه وتبالغوا في تعظيمه.
ما ذكره ص٦ من أن عمر بن الخطاب أمر بقتل سعد بن عباده لتخلفه عن بيعة أبي بكر رضي الله عنهم قال فرحل سعد إلى الشام فأرسل عمر إليه رجلاً ليقتله إذا أبى عن البيعة فأدركه الرجل بحوران فدعاه فأبى فقتله.
وقد تتبعنا كثيراً من المظان فلم نجد أن عمر رضي الله عنه أمر بذلك بل رأينا ما يؤيد خلافة فقد نقل القسطلاني عن ابن الأثير أنهم لم يختلفوا في كون سعد رضي الله عنه وجد