للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[العلم]

قلما يجد الإنسان صحيفة سياسية أو مجلة أدبية أو كتاباً لأديب أو مقالة لا ريب إلا ويرى أنه يدعو إلى العلم ويحض عليه ويحث على التعليم وينادي إليه ولقد تفنن الكتاب وحملة الأقلام في سبيل الدعوة إلى العلم تفنناً غريباً وتأنقوا تأنقاً عجيباً فمنهم من جعل سبيل الدعوة إليه ذم الجهل وبيان مضاره ومنهم من جعلها في بيان ثمرة العلم وما ينشأ عنه من الفوائد وماله من المزايا وما يترتب على تحصيله من النتائج ومنهم من أبدع في تصوير الجاهل لينفر عن جهله ويحذر الناس من عاقبة أمرة.

كم أنشئت جمعيات للدعوة إلى العلم؟ زكم أقيمت حفلات للحض عليه وكم ألف مؤلفات لإحيائه وليت شعري بعد ذلك التعب والنصب والألفاظ الفخمة والجمل الضخمة التي يسردها الكاتبون ليدلوا بها على اقتدارهم ومتانة بيانهم هل علمنا ما هو هذا الرمز الذي يشيرون إليه والأمر الذي يريدوننا عليه؟ كلا لعمر الحق لم نفقه من العلم إلا حروف_ع. م. ل_ولم نستفد من هذه الضجة القائمة سوى أننا رمينا بأولادنا إلى تلك المدارس المختلفة التي يسعى كل منها إلى غاية مخصوصة يجد في تحصيلها ويجتهد في سبيل الموصول إليها ليس مرادنا الآن الانتقاد على المدارس وبيان خطأها في سيرها وإن كل واحدة منها تدعي سلامة منهجها وجودة طريقتها وإنما مرادنا أن نبين أنا بعد كل ما تقدم أمتنا العلم وسرنا في طريق غير طريقه وهذا ما قضى علينا بأن نحرم من الرجال الأكفاء الصادقين الذين يحبون الفضيلة لذاتها ويكرهون الرذيلة لنفسها.

قسم العلماء رضي الله عنهم العلم إلى ثلاثة أقسام مأمور به، ومنهي عنه ومندوب إليه والأول إلى قسمين فرض عين وفرض كفاية.

ففرض العين هو ما لو علمه البعض لا يسقط الحرج عن الباقين وهو علم الحال ونعني به الأمر الذي يتقلب فيه المكلف ليلاً نهاراً من القوال والأعمال والاعتقادات فهل علمنا ما يجب علينا من هذا العلم وهل سرنا في طريقه واجتهدنا في تفهمه وتفهيمه؟

إن الله تعالى افترض الفرائض وأوجب الواجبات على كل بالغ عاقل من بني آدم ولم يميز في ذلك بين الحاكم والمحكوم والغني والفقير والتاجر والزارع والذكر والأنثى ففرض على الجميع معرفة ما يجب له سبحانه وما يستحيل وما يجوز ومثل ذلك للرسل عليهم الصلاة والسلام وفرض تصديق كل ما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهل جميع أغنيائنا

<<  <  ج: ص:  >  >>