عود لسانك قول الصدق تحظ به ... إن اللسان لما عودت معتاد
موكل بتقاضي ماسننت له ... في الخير والشر فانظر كيف ترتاد
الصدق فضيلة الفضائل. ومعدن الكمالات. والخلق الذي يرفع المتلبس به إلى معارج الأملاك. ويهبط العاري عنه إلى مصاف العجماوات. ذلك الخلق الذي حث عليه القرآن العظيم. وأمرتن بالمحافظة عليه الأحاديث الشريفة. لا جرم أن الكذب آية من آيات النفاق وهو هو الخلق الذي يبغضه الله ورسوله. ولا يليق بالمؤمن ذي الهمة الشماء أن يكون متصفاً به. قال تعالى (ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون). وقال صلى الله عليه وسلم إن العبد ليكذب الكذبة فيتباعد عنه الملك مسيرة ميل من نتن ما جاء به. وقال صلى الله عليه وسلم عليكم بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة. وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه. لأن يضعني الصدق وقلما يفعل أحب إليّ من أن يرفعني الكذب وقلما يفعل. وقال بزر جمهر. الكاذب والميت سواء فإنه إذا لم يوثق بكلامه بطلت حياته. وقال أبو حيان التوحيدي. الكذب شعار خلق وأدب سيء وعادة فاحشة وقل من استرسل معه إلا ألفه ومن ألفه إلا أذله. وقال بعض الشعراء:
وما شيء إذا فكرت فيه ... بأذهب للمروءة والجمال
من الكذب الذي لا خير فيه ... وأبعد بالبهاء من الرجال
كل الناس يعرفون أن الصدق خير من الكذب. وأن الفضيلة خير من الرذيلة ولكن للصدق بواعث وللكذب بواعث فمن غلبت عليه بواعث الصدق كان صادقاً ومن غلبت عليه بواعث الكذب كان من الكاذبين لذلك يجمل بنا أن نورد هذه البواعث ليتخلق الإنسان بالنافع منها ويجاهد نفسه على مجانبة الضار.
بواعث الصدق
منها خوف الله والائتمار بأوامره والحذر من وعيده والرغبة في وعده (ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم). ومنها المروءة فإنها مانعة من الكذب باعثة على الصدق لأنها قد تمنع من فعل ما كان مستكرهاً فأولى من فعل ما كان مستقبحاً.