ذكرنا ما نشرته بعض الجرائد الدمشقية من الشتائم والسباب بحق بعض النزهاء من أهل العلم ما كتبة (حافظ أفندي إبراهيم) مخاطباً بعض أصحاب الجرائد.
أي فلان إن للصحافة رجالاً، وللسياسة أبطالاً طرقوا لها إلى الضمائر وتناولوا بها ما وراء السرائر فسددوا الكلام كما تسدد السهام وبلغوا بالمقال ما لا تبلغه النصال يعجبونك فتعجب ويستغضبونك فتغضب فهم ملوك الأفكار ينقشون في النفوس ما نقشوا في الطروس. ويودعون في الصدور ما أودعوا في السطور وهم كما قال صاحب كليلة (يحقون الباطل، ويبطلون الحق، كالمصور الذي يصور في الحائط صوراً كأنها خارجة وليست بخارجة وأخرى كنها داخلة وليست بداخلة) فأين أنت من رجال إذا استلوا أقلامهم ثلوا العروش الراسية وذا أرسلوا بيانهم عطفوا القلوب القاسية تجري على أسنة أقلامهم أرزاق البائسين وتسبح في قطرات مدادهم آمال الراجين. تبتدر الأسماع ما يقولون. وتنهب الأبصار ما يكتبون. فما أنت يا ولدي من الرأي منهم ولا الذنب. ولا علمك من ذلك العلم ولا أدبك من ذلك الأدب ولكن تأنق الشيطان لك في تزيين الضلال وألقى في أمنيتك أن تصبح من رجال هذا المجال. فأخرجت للناس تلك الصحيفة ثم جعلته لك فيها خليفة. فما فتئ يملي عليك. وهو جاثم بين كتفيك. . حتى أصبحت أشد سواداً من صحيفة أبي لهب وأظلم ممن افترى على الله الكذب. فأتعبت الكرام الكاتبين وأحرجت الكتبة الراشدين. وشد منك إقبال العامة وسكون الخاصة وشاركك القارئ في آثامك. وافتتن الجاهل بكلامك إلى آخر ما قال ثم استطرد لذكر مضار أمثال هذه الجرائد فقال أما وجوه المضرة في بقاء هذه الجرائد فقد أصبحت شيئاً يحس وأصبح مثلها كمثل الهواء فقد كنا نشعر به ولا نره حتى سلطوا عليه ضغط الجو فتكاثفت حتى همت الأيدي بلمسه وتلون حتى وقع من النظر تحت حسه ومنها أنهم نصبوها حبائل لصيد المال فأقاموا لها سوقاً فرشت فيها الصحف وركزت الأقلام وعرضت للبيع أعراض الناس فتراهم يجلسون للمساومة في تلك الأعراض ويأتي حامل الضب لأخيه فيساومهم في تمزيق عرض من أراد ويشهر ذلك في المزاد.
ومنها دبيب الفساد إلى أخلاق العامة لكثرة ما يقرأون ويسمعون من ألفاظ السباب وإذا فسدت الأخلاق في أمة فسد فيها كل شي.
ومنها دخول السقاط في زمرة المحررين اللهم إلا نفر من أنصار الفضيلة ذهب صرير