صدر القسم الثالث من هذا الكتاب لجامعه الأديب الشيخ محي الدين الخياط وهو يحتوي على نبذ من تاريخ بني أمية وفي أول صحيفة مرسوم فيها خريطة الدول العربية الإسلامية وقد أهدانا مؤلفه الفاضل نسخة منع أصحبها بكتاب شكر فيه للحقائق حسن ظنها قال وربما أبين رأي في انتقادكم قلنا حبذا العمل ونعم الصنيع فمن احتكاك الآراء تسطع أنوار الحق ومن تبادل الأفكار يستبين الصواب وقد أحببنا خدمة العلم وتمحيصاً للحق أن نتابع العمل فنبدي رأينا في القسم (الثلاث) وإنا مع تقديرنا لخدمته الدينية وغيرته الإسلامية قدرهما نواخذه على تسرعه في الحط من قدر سيدنا معاوية رضي الله عنه وهو واحد من اتفقت كلمة الأمة على جلالة قدره ورفعة شأنه وأنه كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمينه على أمته. إذ نسب إليه أموراً تشعر بذمه وتحط من مرتبته منها ما هو متقول عليه ومنه ما له عذر صحيح فيه أغضى عنه المؤلف.
سند إليه أنه عاهد الإمام الحسن رضي الله تعالى عتهما على أن يمكنه من جميع مات يطلب إن هو نزل عن الخلافة قال ما مؤداه فاشترط عليه شروطاً فقبل بها حتى إذا نزل عن الخلافة لم يقم إلا ببعضها وقال عنه ما نصه (بلغ من حرصه على الملك أن حاول خصره في آله ورهطه فنجح وأول عمل عمله لذلك حمله الناس على مبايعة ابنه يزيد وهو يعلم منه سوء السيرة والتهتك) تأمل وعزا غليه على إحدى الروايتين (أنه عمل على موت الحسن رضي الله تعالى عنه حتى مات مسموماً بإيعازه ونمي إليه أنه أوصى ابنه يزيد إن ظفر بابن الزبير (وهو من أجلاء الصحابة وأكابرهم) أن يقطعه إرباً إرباً وأنه أول من سب الإمام علياً كرم الله وجهه على المنابر.
كل ما تقدم رمى به المؤلف هذا الصحابي الجليل والخليفة العظيم ولم يرع عهد الله ولا ذمته ولم يخش فيما جاهر فيه لومة لائم وما ندري لعله اعتمد في نقل هذه الأخبار على بعض مؤرخي الشيعة واعتد بافترأتهم والحق أن معاوية وفى للإمام الحسن رضي الله تعالى عنه بجميع ما عاهده إلا واحدة وهي أن الإمام الحسن طلب منه أن يعهد له بالخلافة من بعده فلم يتمكن معاوية من ذلك لما رأى من شدة قومه ومنعتهم بل اضطره الأمر إلى أن يعهد بالخلافة ليزيد خوفاً على المسلمين من التفرق وشفقة عليهم من الانشقاق.
قال المؤرخ الكبير ابن خلدون في مقدمته بعد كلام على ولاية العهد ما نصه (سطرين غير