المؤلفون في هذا الدور من الزمن من أكثرهم يؤلف للتجارة ومعلوم أن التاجر يجلب ما يرى رواجه لاما يتحقق فائدته وغنائه لذلك كثرت بيننا التآليف السخيفة كالروايات والقصص الهزلية وأمثالها مما يضيع الوقت به سدى ولا يأتي بفائدة للقارئ إن لم يعد عليه بضرر كأن يعتقد أمر واقعاً وهو غير واقع ويكون من الأمور التي يترتب عليها حكم شرعي والشعب لقلة علمه ونضوب فهمه لعدم تعهد أهل العلم الحقيقيين له بالمواعظ يروج بينه هذا النوع من المؤلفات وتجار التأليف مازالوا كل يوم يتحفون هذا المجتمع بشيء جديد من هذه السخافات.
وقسم من المؤلفين وهو أقل من الأول يؤلف لينشر بدعة أو ليروج ضلالة وهذا القسم يروج عند فريق قليل من الناس وقد يدعون العامة إليه ليزحزحوهم عن الصراط السوي. وندر جداً من يؤلف ليفيد علماً ويستفيد مثوبة وأجراً من هؤلاء المؤلفين العلامة الأستاذ الفاضل الشيخ يوسف أفندي النبهاني من أجلة علماء بيروت وصالحيها ومصلحيها فهو حفظه الله مازال يؤلف ما يتحقق أن فيه فائدة للمسلمين، وتثبيتاً لإيمانهم وحفظاً لعقائدهم، وتطهيراً لقلوبهم وقد طبع له من المؤلفات ما يشهد بطول باعه وغزارة عمله وحبه للدين وأهله وبغضه للبدع ومنتحليها والضلالات ومروجيها وقد أطلعنا أخيراً على كتاب مطبوع بمصر محتوٍ على ثلاث رسائل الأولى منها الرائية الكبرى وهي تبلغ ما ينوف على السبعمائة بيت كلها غرر وفيها من حسن السبك ورقة المعاني وبلاغة الأسلوب ما يشهد للمؤلف الأستاذ حفظه الله بالتفوق على كثير من الشعراء الذين أفنوا عمرهم بنظم الشعر دون مشاركة فن غيره من الفنون وقد حوت كثيراً مما تمس إليه الحاجة من العقائد الحقة والسيرة النبوية والأخلاق الفاضلة وأحسن ترجمة لها أن ننقل للقارئ قسماً منها فليس الخبر كالخبر وماراء كمن سمعا قال أمده الله بروح منه في مطلعها: