جاءنا من حضرة العلامة المدقق المحقق صاحب الإمضاء ما يأتي
في حاشية الفتاوى الحديثية المطبوعة للإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في صحيفة ٦٠ (مطلب في أن القيام في أثناء مولده الشريف بدعة لا ينبغي فعلها)
إن الإمام المذكور رحمه الله تعالى ذكر في الفتاوى المذكورة جواباً عن سؤال صورته (روي في التفسير أنه لما نزل (أتى أمر الله) وثب النبي صلى الله عليه وسلم وسمعنا من أفواه بعض الناس قام النبي صلى الله عليه وسلم فهل يسن لنا إذا قرأناه أن نقوم أو لا فإن قلتم نعم فهل يختص بالقارئ أو يشمل المستمع وإن قلتم لا فهل يمنع من ذلك أو لا فأجاب رحمه الله تعالى عن هذا السؤال جواباً أسهب فيه ثم قال في آخره (فدل على أن فعله صلى الله عليه وسلم وأفعالهم إنما كان لسبب وهو فزعه صلى الله عليه وسلم من حلول العذاب بقومه وقد زال السبب المذكور وحينئذ فعل ذلك الآن بدعة لا ينبغي ارتكابها لإيهام العامة ندبها أهـ ثم زيل هذا الجواب بقوله (ونظير ذلك فعل كثير عند ذكر مولده صلى الله عليه وسلم ووضع أمه له من القيام وهو أيضاً بدعة لم يرد فيه شيء على أن الناس إنما يفعلون ذلك تعظيماً له صلى الله عليه وسلم فالعوام معذورون لذلك بخلاف الخواص) أهـ فقوله رحمه الله تعالى على أن الناس استدراك وإضراب إبطالي عما يتوهم من قوله (وهو أيضاً بدعة لم يرد فيه شيء) لأن لفظ على هنا للاستدراك والإضراب الإبطالي ونظيره قولهم (فلا لا يدخل الجنة لسوء صنيعه على أنه لا ييأس من رحمة الله) ولمجيء على لهذا المعنى شواهد كثيرة لا نطيل بذكرها فمعنى كلام الإمام المذكور رحمه الله تعالى لكن الناس إنما يفعلون ذلك تعظيماً له صلى الله عليه وسلم وتعظيمه واحترامه وإجلاله ومحبته وإظهار الفرح والسرور به صلى الله عليه وسلم لا يشك ذو دين في طلبها والحث عليها وفعلها والقيام بها بأي طريق من طرقها وقوله رحمه الله تعالى (فالعوام معذورون لذلك) أي العوام معذورون في تركهم القيام من حيث أنه بدعة لم يرد فيه شيء بخصوصه وإن كان مطلوباً من جهة أخرى ولخلو أذهانهم عن طلب تعظيمه صلى الله عليه وسلم وعن كون نفس القيام فيه تعظيم له صلى الله عليه وسلم بمعنى أن تركهم القيام عند ذكر وضع أمه له صلى الله عليه وسلم يحمل على ذلك وقولهُ رحمهُ الله تعالى (بخلاف الخواص) أي الخواص غير معذورين في تركهم القيام إذ ذاك لعلمهم بطلب تعظميهِ صلى الله عليه وسلم