المنتظم على الحقيقة إنما هو عيش الفائزين بهداية الدين علماً وعملاً.
وعبر في الآية بالمؤمنين دون الناس لأن الآية مسوقة للحث على القيام بعمل والأعمال إنما يرجى الامتثال فيها من المؤمنين ولو كان الأمر هنا بواجب من العقائد لناسبه التعبير بنحو الناس وقد قرر بعض المفسرين فيما أعهد أن من عادة القرآن التعبير بمثل (يا أيها الناس) إذا كان المخاطب به مما يرجع إلى أصل من أصول الدين فإذا كان المأمور به فرعاً من الفروع صدر الخطاب بنحو (يا أيها الذين آمنوا).
أو يقال أن ذكر المكلفين هنا بوصف الإيمان لتقوية داعيتهم وإغرائها على العمل بأسلوب لطيف فإن من تسميتهم بالمؤمنين تلويحاً إلى صفة الإيمان بالله من شأنه أن تبعث على حسن الطاعة والمسارعة إلى امتثال أوامره وتعرضنا عقب هذا إلى البحث في لفظة (كافة) فقررنا أن ابن هشام ذهب في مغني اللبيب إلى أنها من الأسماء التي لا تخرج عن النصب على الحال وخطأ الزمخشري في قوله بخطبة المفصل (محيطاً بكافة الأبواب) وقد صحح الشهاب في شرحه درة الغواص أنها لا تلزم النصب على الحالية ومما استشهدنا به القائلون بانفصالها عن الحالية قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد جعلت لآل بني كاهلة على كافة بيت مال المسلمين لكل عام مائتي مثقال دهباً إبرايزاً قال الدماميني إن صح هذا سقط القول بملازمتها للنصب على الحالية.