القصد هو استئصال شأفة المسلمين لمخالفتهم في الدين وتعلقهم بخليفة المسلمين وإلاَّ فلمَ تغير هذه الدول على الشعوب الإسلامية الآمنة في سربها. الخافضة جناح الرحمة لمواطنيها ومساكنيها من غير ما ذنب سابق ولا عدوان موجب؟ هاج لذلك الشعب الإسلامي في سائر أقطار الأرض وعرف ما تريده هؤلاء الدول الغريبة فأظهروا تعلقهم بعرش الخلافة الأقدس ونهضوا لمساعدة إخوانهم الطرابلسيين لما بينهم من الرابطة الدينية المحكمة التي تجمع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فقام الشيخ السنوسي ينادي بالجهاد ويدعو الناس للدفاع عن إخوانهم في الدين، وعقد الهنديون الاجتماعات وأقاموا الاحتجاجات وطلبوا من حكوماتهم ردع إيطاليا عن اعتدائها الفظيع وعرض الإمام يحيى على دولة الخلافة مائة ألف مجاهد لإنقاذ إخوانهم من ظلم الأعداء الجائرين وأعلن مجتهدوا الشيعة وجوب الجهاد على كل مسلم ومسلمة لإعلاء كلمة الدين ورد كيد الظالمين.
وقام المصريون بما يسطره لهم التاريخ بمداد الذهب فأظهروا عطفهم على الأمة الإسلامية وتعلقهم بالدولة العثمانية فعقدوا الجمعيات وجمعوا الإعانات الطائلة وبذلوا أموالهم وأنفسهم في سبيل الله.
فظهرت بهذه الأعمال الرابطة الدينية بأجلى مظاهرها وعرف الناس عامة فضل تلك الرابطة وأنها قائمة بحول الله تعالى على أسس قوية لا تنقصها أحلام المتفرنجين وأنه لا حياة لهم إلا بها فتلفت أنظار المفكرين من علماء الدين إلى اغتنام الفرصة والسعي وراء إيجاد طرق للتعارف بين المسلمين ليستفيدوا من رابطتهم الدينية ويسعوا يداً واحدة لإيقاف هذا السيل الجارف الذي كاد يكتسح عموم الممالك الإسلامية علهم يرجعون إلى سالف عزهم وسامق مجدهم. حقق الله الآمال.