وإني ليغشاني إذا ما ذكرتكم ... لواعج هم ترتمي في الحشا جمرا
على أن قرص الشمس عند غروبها ... يذكرني تلك الدماء إذا احمرا
فأبكي تجاه الغرب والبدر لائح ... من الشرق حتى أبكي الشمس والبدرا
ويا أهل هاتيك الديار تحية ... توفيكم الشكر الذي يرأس الشكرا
فقد قمتم للحرب دون بلادكم ... تذودون عن أحواضها البغي والنكرا
وثرتم أسوداً في الوغى يعربية ... إذا كل سيف في براثنها ظفرا
تراها لدى الحرب العوان مشيحة ... تهمهم حتى تنطق الفتكة البكرا
ولو أن كفي تستطيع تناوشاً ... فتبلغ في أبعادها الأنجم الزهرا
لرتبت منها في السماء قصيدة ... لكم واتخذت البدر في رأسها طغرى
وخلدتها آياً لكم سرمدية ... مدائحها تستوعب الكون والدهرا
يقولون أن العصر عصر تمدن ... فما باله أمسى عن الحق مزورا
إلى الله أشكو في الورى جاهلية ... يعدون فيها من تمدنهم عصرا
أتتنا بثوب العلم تمشي تبخترا ... فإن أظهرت حلواً فقد أبطنت مرا
لقد ملك الإفرنج أمر مراكش ... وقد ملكوا من قبها تونساً قهرا
ففاجأنا التليان من أجل ملكهم ... لكي يسلبونا في طرابلس الأمرا
وقالوا ألم تأت الفرنجة تونساً ... وهذي جيوش الإنجليز أتت مصرا
فخلوا لنا ما بين هذي وهذه ... وإلا قسرناكم على تركها قسرا
فقلنا لهم إنا أحق بملكها ... فقالوا ولكن زند قوتنا أورى
أهذا هو العصر الذي يعونه ... فسحقاً ودفراً له دفراً
الأستانة
معروف الرصافي