مقصدها الحقيقي تقوية الصنائع والحرف والتجارة والزراعة فيفتحون مدرسة لتعليم ذلك كله على نهج الترتيب والانتظام أن (مكتب الصنائع) الذي في حاضرتنا الآن قد اجتهد بتأسيسه المرحوم مدحت باشا ليفيد الوطن صنائع جديدة يستغني بها الشرق عن الغرب بعض الاستغناء قد أصبح بفضل الإهمال قليل النتيجة عديم الفائدة إذ الصنائع التي تدرس فيه اليوم هي حثالة الصنائع الدمشقية فحبذا لو أن ولاة الأمور يعيرونه نظرة فيحققون بها قصد المؤسس وبهذه المناسبة نطلب من قادة الأقلام أن يوسعوا نطاق هذا البحث وينتقدوا من الصنائع والحرف والتجارة والزراعة ما يظهر لهم من مواقع النقد على صفحات الصحف.
أن المعنى الذي ذكرناه للاقتصاد كأنه اصطلاحي لكنه مأخوذ من المعنى اللغوي ولازم له لأن للاقتصاد في اللغة معان منها الاستقامة يقال اقتصد فلان في أمره لأي استقام ومنها الاعتدال في النفقة أي التوسط بين طرفي الإسراف والتقتير يقال اقتصد في نفقته أي لم يسرف ولم يقتر فالاستقامة في الأمور والتوسط في النفقة هما من أشرف الخصال التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان وهما من أعظم العوامل على توفير المال وتحسين الحال وتعظيم الثروة وتشيد القوة وجلب السعادة وطرد الشقاء في الحديث الشريف (ما عال مقتصد ولا يعيل) من حاد عن الاقتصاد ضل طريق الكرم الإسلامي لأنه أما أن يصعد على درجات شقاء السرف والتبذيرا وينزل لدركات البخل والتقتير.
وفي كلا الأمرين انحراف عن سنن القرآن ووقوع في المقت وغضب الرحمن. قال تعالى (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً).
وقال عز اسمه (ولا تبذر تبذيراً أن المبذرين كانوا أخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً) وقال جل سلطانه (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتيهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) نتلوا هذه الآيات الشريفة وكانا لا ندري من أنزلها أو لسنا داخلين في عموم الخطاب (أفلا يتدربون القرآن أم على قلوب أقفالها) نذكر للقراء نموذجاً من حالنا اليوم إذا أجرى أحدنا سنة النكاح لنفسه أو لولده أو سنة الختان أو الفرح بمولود أو بقدوم من حج أو غيره. تراه يتفنن في ارتكاب أنواع المنكرات وأعاجيب المخالفات. تبذير أموال. وتفاخر بالقوال والأفعال. ولو ذكرته أو نصحته لرد