من حكم الحج وفوائده، إلا أن نحث من وجب عليه أن يبادر إليه فإنه من الفروض العينة على كل مسلم بالغ عاقل حر مستطيع قال الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) وقال عليه الصلاة والسلام يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا من مات ولم يحج فليمت أن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً. وقال عمر رضي الله تعالى عنه، لقد هممت أن أكتب إلى الأمصار بضرب الجزية على من لم يحج ممن يستطيع إليه سبيلاً، وروى عن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي ومجاهد طاووس (وهم أئمة التابعين) أنهم قالوا لو علمنا رجلاً غنياً وجب عليه الحج ثم مات قبل أن يحج ما صلينا عليه.
وقد ذهب الأئمة الأربعة ما عدا الشافعي رحمه الله في أصح الراويتين عنهم إلى أن افتراض الحج على الفور في أول سني الإمكان لأن فرضيته ثبتت بالكتاب والسنة وانعقد عليها الإجماع ولا يأمن أحد على نفسه من الموت إذا أخره فوجب على الفور احتياطاً، وللحج شروط وأركان وسنن وآداب لولا أن الكلام في بيانها يستدعي مجالاً واسعاً ووقتاً طويلاً لأتينا عليها مفصلة مبينة تتميماً للفائدة غير أنا نحيل على مناسك العلامة الألوسي الذي سماه (أوضح منهج لمناسك الحج) ففيه كفاية في هذا الباب، وبغية لأولي الألباب.