للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الفضائل. وأحاط به من الكمالات. وللحج فوائد أخرى أجلها التوصل لزيارة سيد العالمين. وفخر الأنبياء والمرسلين. صلى الله تعالى عليه وسلم. وزيارة أهل بيته وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم. حيث يقوم الزائر ببعض الواجب لهم. ويتوسل بهم إلى ربه في تكفير ذنبه. وكشف كربه. وإصلاح حياته ومعاده أجل أن من أعظم الواجب زيارة حضرة سيد الوجود عليه الصلاة والسلام. وزيارة آله وأصحابه. وسلف الأمة ومتقدميها. ممن قام بتأسيس هذا الدين القويم. وشيد مبانيه. وحبس نفسه على إرشاد الأمة. وقطعها لإفادتها الخير. بل الواجب تعظيم كل من سبقت له يد في إصلاح. أو كان له اعتناء ببعض المنافع العامة. واحترامه حياً وميتاً. وتقديس عمله في سائر الأوقات هذا الخلق مغروز في كل من منح عقلاً سليماً ورزق بصيرة نافذة. لا فرق بين أن يكون من المسلمين أو غيرهم. إذ نرى كثيراً من الأمم المتمدنة والشعوب الراقية. ينشئون الأسفار لزيارة من يرون له أثراً صالحاً في الاجتماع ويداً عاملة في سبيل الرقي والإصلاح تنويهاً بشكل ما فعل وحثا لغيره على العمل وقياماً بالواجب الإنساني له. بل نراهم يشدون الرحال لكل من روى لهم التاريخ عنه شيئاً من عظائم الأعمال. أو جلائل الخصال ولو كانوا من أعدائه ومحاربيه.

هذا ضريح صلاح الدين بن أيوب يتوارده السائحون صباح مساء. ويأتونه بالهدايا والتحف. وجلهم ممن حاربهم وحاربون هذا ولولا الخروج عما نحن بصدده الآن لأسهبنا الكلام في هذا الموضوع فإنه من أجل المواضيع وعسانا نأتي عليه بأزيد مما ذكرناه عند سنوح الفرص.

ومن فوائد الحج تهذيب النفس بتركها ملاذها وشهواتها. من التمتع بالأهل والأولاد. والإسئناس بالأخوان والأصحاب. والتخفيض من غلوائها بركوبها المشاق. والمتاعب. وتحمل ألم الحر والبرد ومشقة الركوب والمشي. وعناء التقشف في المطعم واللباس. ومنها ترويض الجسم بتفرغه من تعب الكسب. وتنقله من بلدة لأخرى. واستنشاقه هواء بعد هواء. بل أن السفر وهو من لوازم الحج معدود في مقدمة الأدوية الفعالة في الشفاء من الأمراض، وهو العلاج الفرد لبعض الأدواء، والمؤثر الوحيد في التخلص منها.

قضية لا ينكرها أحد. ولا مجال فيها لارتياب مرتاب حيث قامت عليها قواطع الأدلة، وحكمت بصحتها شواهد التجربة هذا ولا يسعنا بعد ما أتينا على بعض ما وصل إليه دركنا