قراءته تحريف الثاء سيناً والذال زاياً والظاء أيضاً زاياً مفخمة مع قدرتنا على النطق بالصواب يشملنا حينئذ قوله تعالى (يحرفون الكلم عن مواضعه) إذا لكلم تطلق على الحروف كما تطلق على ما يتركب منها ومواضعها تشمل مخارجها كما تشمل مدلولاتها التي تفهم منها بواسطة الوضع.
ولا عذر في مثل هذا الأمر لأحد من المسلمين سواء كان عربياً أو أعجمياً اللهم إلا رجلاً تحقق عجزه عن التخلص من هذا الخطأ والحروف في الحروف اللثوية وتعذر عليه إخراجها من مخارجها الصحيحة فاستعصي عليه لسانه بعدما حاول أن يلينه وبعد أن مارس تعويده وتمرينه ويندر جداً بلوغ اليبوسه والصلابة إلى هذا الحد في بعض الألسنة وقد ساوى الخالق جلت حكمته بين جميعها في تكوينها من أعصاب وعضلات ومع ذلك نرى كثيراً من الناس يدعون أنهم مضطرون إلى هذا التخريف للعجز عن إقامة ألسنتهم على الصواب ولعل أكثر هؤلاء إذا دققوا على أنفسهم يجدون انهم يجيدون النطق بها كما هو شأن عامة مواطننا السوريين ومهما تمحل بعضهم من المعازير في التسامح بمثل هذا الخطأ الجاري في اللغة المحكية فليس في وسع أحد من العقلاء أن يتهجم بمثل ذلك على قراءة التنزيل العزيز ويجب علينا أن نتذكر دائماً ولا ننسى ما أصاب الكتب العربية من وخامة مغبة هذا التحريف الفاشي فإن فيها كثيراً من سوء أثاره لأن النساخ وعملة المطابع قلما يوجد بينهم من يفرق بين الحروف اللثوية والحروف التي تحرفت إليها وزد على ذلك قلة الانتباه لوجود انتقاء الأكفاء من رجال التصحيح الإخصائيين بالعناية في تنقيح الكتب أثناء طبعها وتدارك أغلاطها وتلافي سقطتها قبل انتشارها على علاتها والذي زاد هذا الخطب تفاقماً واستفحالاً أن أكثر المعلمين والأساتذة إن لم نقل كلهم لا يتحاشون من هذا التحريف المخل أثناء دروسهم التي يلقونها على التلاميذ فيشب هؤلاء على التهاون بذلك ومن شب على شيء شاب عليه فنلفت أنظار رجال المدارس والمكاتب كما نلفت أنظار العلماء إلى هذا الأمر الذي يظهر في بادئ الرأي أنه جزئي بسيط وهو في الحقيقة من أضر المصائب على لغتنا الكتابية التي يسعى الزهاوي إلى محوها من بين أبناء العرب في جميع أقطار العالم.