أنه يقع في حيص بيص في مثل هذا الموطن حيث يجد نفسه مضطراً إلى اختراع رسم حرف جديد يدل على الظاء العامية بصورة تكفل بيانها وتقريبها للذهن.
إذ الظاء في اللغة المحكية أو لغة الزهاوي الكتابية ليست إلا عبارة عن زاي ضخمة غليظة مفخمة تفخيماً فاحشاً تكرار الزاي في الرسم يشعر بذلك وإما الظاء المنشودة في اللغة الفصحى فغن الزهاوي يضطر للحكم بإعدام صورتها كما حكم مع السوقة بإعدام لفظها الفصيح ونحن إذا كنا نعتبر هذا من قبيل المشخ لعرائس العربية فإن الزهاوي يعتبره من قبيل الترقي والتقدم.
مما يتشدق به أشياع اللغة السوقية قولهم أن إخراج الحروف اللثوية من مخارجها الأصلية ينبو عنه الذوق العصري الجديد فهو على الاستعمال المتبذل أخف وأرشق ويجدر بنا أن نقول لهؤلاء المتشدقين لو كان التمدن يدخل أيضاً في مخارج الحروف لكان الإفرنج أولى بذلك منكم وها هي الأمة الإنكليزية على ما تعتقدون فيها من العراقة في الحضارة والمدنية ومجاراة الأحوال العصرية وتقدمها في فنون الابتداع وأساليب الاختراع وتشبعها بالأفكار الجديدة ومع ذلك كله فإن في لغتها نظير هذه الأحرف اللثوية وها هي تنطق بها كما ينطق بها صرحاء العرب الخلص فيقولون (ثري) بمعنى ثلاثة (ثرد) بمعنى الثالث (ثانك يو) بمعنى شكراً لك (ثميبل) بمعنى الحديدة المجوفة التي يضعها الخياط في إصبعه ليدفع بها الإبرة (باث) بمعنى الطريق (ثنك) بمعنى تفكرو (بريث) بمعنى نفس (ذس) بمعنى هذا هذه (ذات) بمعنى تلك ذلك (ذم) بمعنى هم (ذي) بمعنى لام التعريف (بوذ) بمعنى خيمة خص وقد تفخم الذال في اللغة الإنكليزية فتلفظ كالظاء العربية مثل (مظر) بمعنى والدة ولو حرف الإنكليزي هذه الحروف تحريفها الجاري في لغتنا المحكية لآض هزأة بين قومه ولأصبح عندهم موضع التهكم ومناط السخرية مع انه لم ينزل بلغتهم كتاب مقدس يحذرون أن يتطرق إليه شيء من آفات ذلك التحريف كما نخذره نحن معاشر المسلمين على التنزيل القرآني العزيز وأن كنا نعتقد أنه مصون محفوظ بعناية الله جل جلاله كما قال فيه (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) فغن اعتقادنا هذا لا ينبغي أن يحملنا على التساهل في لغة ذلك القرآن الكريم الذي يتحتم علينا تقويم السنتنابه بأن نتلوه حق تلاوته ونتحري قراءته كما انزل بلسان عربي مبين ولا يخفى إننا إذا تعمدنا في