الأمة الإسلامية قبل أن يودي بحياتها هذا الداء الوخيم (توسيد الوظائف لغير الأهل) الذي لا يرجى منه شفاء. . أما يجب عليهم أن يخلصوا الأمة من شر هؤلاء القوم الذين يدعون العلم وما هم بعالمين ويستأصلوا شأفتهم لترتاح من ضلالهم وجهلهم البلاد والعباد قال أفلاطون الحكيم إذا تسامحت في العلماء والأطباء دولة فقد قرب انحلالها. وقال عبيد الله ابن أبي جعفر العلماء منار البلاد منهم يقتبس النور الذي يهتدى به فإذا طفئ هذا النور وقعت البلاد في الظلماء وصب عليها البلاء صباً. .
فلذلك وجب وجوباً أكيداًُ على من آتاه الله أمانة العلم أن يؤديها حق الأداء وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوقوف أمام تيار البدع الحادثة التي تخالف هدي الشارع صلى الله عليه وسلم وهدى أصحابه ولا التهاون في شأنها.
استفحل أمر هذه البدعة السيئة والكارثة المشؤومة والبدعة المشهورة (نصب الجاهلين الغاشمين) في مناصب الدين لإرشاد المسلمين. . خصوصاً في هذه الأيام واستطار شررها إلى الآفاق وعظم رزء الإسلام بمصيبتها حتى كاد أن يدرج العلم بأكفانه ولا يلبث عشية وضحاها حتى يدلى بحفرته ويسوى عليه التراب. . (ونحن في غفلة عما يراد بنا) مستسلمون للقضاء راضون بهذا البلاء لا نبدي حراكاً ولا تدبيراً.
سئلت مرة عن السبب الأعظم في رواج العلم وأهله في مصر القاهرة والإقبال من كل فج عميق على جامعها الأزهر وتموجه بألوف الطلاب المجدين ووفرته بالمدرسين المحققين حتى صار الكلية العظمى للعلوم الإسلامية وكذلك الحال في في جامع الزيتونة في تونس قبل الاحتلال المشؤون وسبب اضمحلاله في دمشق بعكس الحالة التي كانت عليه في الزمن الغابر. .
فأجبت ودمع السف يترقرق من عيني أن الأزهر المعمور ظل مستحفظاً بالامتحان الصحيح والقانون العادل فلا أثر في شؤونه جميعها لهذا المصاب العظيم الذي أصيبت به معاهد دمشق ومدارسها من إعطاء وظائف الآباء للأبناء الجهلاء. . فلا يترقى هناك الطالب من درجة إلى غيرها حتى تثبت أهليته وكفاءته أمام هيئة عادلة من علماء الأزهر النزيهين.
ولا يزال يترقى بأهلية واستحقاق إلى أعظم تدريس وأكبر وظيفة حتى يصير المشار إليه