قال هذا عندنا يوم العلة في السماء كالغيم والغبار ونحوها وأن لم يكن بالسماء علة فيشترط جمع عظيم لرمضان وللفطر يقع العلم بخبرهم وقيل أهل المحلة وعند أبي يوسف خمسون رجلاً والاكتفاء باثنين رواية عن أبي حنيفة رضى الله عنه وبه قال ملك والشافعي في قول وعند أحمد يكتفي بعدل والأضحى كالفطر فلا يثبت إلا بما ثبت به الفطر إلى آخر عبارته.
فأنت ترى أن الشيخ عبد الباقي الأفغاني صرح بعدم اعتبار السلك في ثبوت هلال رمضان والفطر ومنه تعلم مبلغ الوثوق بما ينقله ذلك الكاتب الفاضل عن العلماء الأعلام إذ لو لم تكن رسالة الشيخ عبد الباقي مطبوعة لكنا في حاجة إلى التسليم بما قاله الكاتب الفاضل من نسبة جواز أمر شرعي لمن يصرح بمنعه وبم نعذر الكاتب الفاضل بعدما رأيت أن عبارة الشيخ عبد الباقي صريحة بضد ما أفتات عليه لا تحتمل تأويلاً، ولا تقبل تحويلاً، ومتى كان العلم يؤيد بالتشهى؟ كان سلفنا رضى الله عنهم يعتنون بضبط لفظ من ألفاظ اللغة العربية أكثر من اعتناء هذا الكاتب الفاضل بنقل حكم من أحكام الشرع.
وقوله أن الشيخ العباسي أفتى بذلك باطل أيضاً وهذا نص فتوى الشيخ المذكور قال رحمه الله وما يستفاد بالتلغراف من الأخبار بثبوت هلال رمضان الظاهر أنه ينزل منزلة خبر الواحد بإثبات هلال الصوم أو الفطر فلا يكون موجباً على القاضي الحكم بذلك وإلزام الناس بموجبه غاية الأمر أن وقع في قلبه صدق هذا الخبر يلزمه الصوم فإذا ضربت المدافع بناء على هذا الخبر التلغرافي فحكم سامعها كحكمه هذا ما ظهر لي والله أعلم فمن تأمل هذه الفتوى أيضاً بإمعان يظهر له أن الشيخ العباسي ممن يمنع إثبات هلال رمضان أو الفطر بخبر التلغراف وذلك لأنه نزل خبر التلغراف منزلة خبر الواحد ومعلوم أن خبر الواحد لا يثبت به هلال رمضان ولا الفطر إذا كانت السماء مصحية بل يشترط وقتئذ الجمع العظيم فوجب حمل كلام الشيخ العباسي على ما إذا كان في السماء علة وفي قوله فلا يجب على القاضي الحكم بذلك تأييد لما ذكرنا لأن خبر الواحد في حالة الصحو لا يجوز الحكم به وإشعار بأن خبر التلغراف منزل منزلة خبر الواحد الغير العدل لأن خبر الواحد العدل فيما إذا كان بالسماء علة يجب على القاضي الحكم به فثبت بهذا أن الشيخ العباسي يمنع إثبات رمضان بالتلغراف في حالة الصحو وغيرها وقصارى ما يصح أن ينسب إليه استظهاره تنزيل التلغراف منزلة خبر الواحد غير العدل والحكم على من صدقه