لا يجوز وضع التماثيل والأنصاب في البلاد الإسلامية لأنها عبدت من دون الله ولذلك هدمها الإسلام ولم يجوز إعادتها بعد ذلك لأحد سداً للذريعة ومنعاً للتشبه بالوثنيين واتخاذها حرام بالإجماع للنهي عنه وكذلك تعظيمها لأنه يفتح باب عبادة الأصنام وينوه أمر الوثنية وهذا التحريم بإطلاقه شامل للسياسة وغيرها ولذا منع ناظر الداخلية من وضع تمثال مدحت باشا في مدينة البصرة وأجاب بأنه مخالف للشرع الشريف كما نقلته الجرائد من عهد قريب.
والحكومة التي تجيب بهذا الجواب لا تجيز إقامة التماثيل للموتى في المقابر وهي لا توجد في مقابر المسلمين وأما نصب تلك التماثيل لمحمد علي باشا وغيره فلم يكن عن فتوى صادرة عن مقام الإفتاء في مصر لما علم من أن الشرع الشريف يمنع ذلك وقد أفتى العلامة العباسي مفتي الديار رحمه الله بوجوب إزالة الصنم الموضوع بالأزبكية وكسر رؤوس الصور الموجود في فتحتي كبرى قصر النيل حين سئل عنها كما في فتاويه والله تعالى أعلم حرر في ١٥ ذي القعدة سنة ١٣٢٨.
الفقير إليه سبحانه
مفتي بيروت مصطفى نجا
(مكان الختم)
إن الكثير من جاهلي الحقيقية الظاهرة في كتاب فضيلة المفتي ينسبون منع إقامة الأنصاب السياسية إلى تعصب أو غرض على ان البلاد العثمانية وهي بلاد أكثر رعاياها يدينون بالإسلام لمن الضروري أن تراعى فيها المور الدينية الواجب مراعاتها ومما يروى أن أحد علماء الألمان أراد نشر كتاب يبين فيه (على زعمه) أن فلسفة المسيح منقولة عن شارع قبله فكتب إليه الإمبراطور غليوم كتابه المشهور قائلاً له: حافظ على إحساسات الملايين من الناس الذين يعتقدون ما تريد نقضه ونحن نقول أنه إذا لم يكن في إبطال التماثيل السياسية غير مراعاة عواطف الملايين من العثمانيين المسلمين لكان ذلك موجباً لإبطالها والسلام.