للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الداروم من أرض فلسطين واختلف الصحابة في إنفاذه كما قدمنا صحيفة (٦٤) فسيره في اليوم الثالث من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فشن الغارة على ذي المروة والوادي وانتهى إلى ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم فسلم وغنم وكان فراغه في أربعين يوماً سوى مقامه ومنقلبه راجعاً وكان إنفاذ هذا الجيش من أعظم الأمور نفعاً للمسلمين فإن العرب قالوا لو لم يكن بهم قوة لما أرسلوا هذا الجيش فكفوا عن كثي مما كانوا يريدون أن يفعلوه.

لما توفي رسول الله صلى الله علي وسلم وسير أبو بكر رضي الله عنه جيش أسامة تضرمت الأرض ناراً وارتدت قبائل العرب عامة أو خاصة إلا قريشاً وثقيفاً وكان العرب في ذك على قسمين فمنهم التارك للدين بالمرة وهم بنو طئ وأسد ومن تبعهم من غطفان الذين اتبعوا طليحة بن خويلد الأسدي وبنو حنيفة الذين اتبعوا مسيلمة وأهل اليمن الذين اتبعوا الاسود العنسي وكثير غيرهم ومنهم المعطل للزكاة وهم بعض بني تميم الذين يرأسهم مالك ابن نويرة وبنو هوازن وغيرهم وقدمت كتب أمراء النبي صلى الله علي وسلم من كل مكان بانتقاض العرب عامة أو خاصة وتسلطهم على المسلمين وظهر النفاق واشرأبت يهود والنصرانية وبقي المسلمون كالغنم في الليلة المطيرة لفقد نبيهم وقلة عددهم وكثرة عدوهم. قال ابن مسعود رضي الله عنه لقد قمنا بعد رسول الله صلى الله علي وسلم مقاماً كدنا نهلك فيه لولا أن من الله علينا بأبي بكر أجمعنا على أن لا نقاتل على ابنة مخاض وابنة لبون وأن أكل قرى عربية ونعبد الله حتى يأتينا اليقين.

فعزم الله لأبي بكر على قتالهم فو الله مارضي منهم إلا بالخطة المخزية أو الحرب المجلية فأما الخطة المخزية فإن يقروا بأن من قتل منهم في النار ومن قتل منا في الجنة وأن يدو واقتلانا ونغنم ما أخذنا منهم وأن ما أخذوا منا مردود علينا وأما الحرب المجلية فإن يخرجوا من ديارهم.

هكذا تسعد الأمم وتشقى بقادتها وزعمائها فأنت ترى أن كثيراً من الصحابة ارتأوا عدم محاربة من أبى دفع الزكاة من أهل الردة وما ذلك الاجتهاد منهم وضن بدم المسلمين عن أن يهراق بطلب فرض مالي منعته العرب مع إقرارهم بالشهاة وقد استدلوا بقوله صلى الله علي وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله غلا الله فمن قالها عصم مني ماله ودمه