اتكالاً ولا يترك السعي للرزق ومعاطاة أسبابه اتكالاً لأن الله متكفل به، أجل إن السعي مطلوب في جميع ذلك. ولا يجوز لأحد أن يترك الوسائل ويطلب المقاصد وإن كان الله جل شأنه يمكن أن يوصل الخير إلى العبد بدون سعي إليه ولكنه جل شأنه خلق الأسباب والمسببات ودعى العباد إلى الأخذ بالأسباب والاعتماد عليه في حصول المسببات هذا وإن للأطفال حقوقاً على أوليائهم تختلف باختلاف الزمان والمكان فعلى الأولياء أن يعلموا أن هؤلاء الأطفال هم رجال الغد وينظروا ما يحتاج إليه من تهذيب وتأديب وعلوم وفنون فيسيروا بهم في الطرق المؤدية لذلك ويعتنوا بتعويدهم على الآداب الدينية والأخلاق الفاضلة. ويسعوا في تثقيف عقولهم وتهذيب طباعهم وتحبيب العمل إليهم وتزيين الجد في نفوسهم ليخرجوا ن عهدة هذا الحق ويهيئوا لأطفالهم مستقبلاً زاهراً ولأوطانهم أدمغة مفكرة وأيد عاملة وإن لم يفعلوا بل تركوا أبناءهم تتلاعب بهم الأهواء وتتقاذفهم الشهوات فقد خانوا حق الله وحق أبنائهم وحق أوطانهم وأكثروا من تلك الأعضاء الشلاء التي تضر المجتمع الإنساني وتقف حجر عثرة في سبيل الترقي والفلاح.
فإلى التربية أيها الأولياء فإن جريمة منكم بإهمال تربية طفل واحد على المبادئ الدينية والأخلاق الفاضلة ربما تجر على الوطن الشر والبلاء ما لا يقدر على مثله العدو بخيله ورجله وكتائبه ومقانبه.
فإن هذا الطفل المهمل من التربية بالكلية أو المربى تربية فاسدة لا تلتئم مع روح الأخلاق الدينية ينشأ فاسد الطباع دنيء النفس خامل المروءة ضعيف العزيمة فتنطبع تلك الصفات المشينة في نفوس من يليه من أهله وأولاده وأخدانه وعشرائه فيكثر سواد الجاهلين وعدد الخاملين وهذا يكون عند سيادة الجهل، وشيوع نقص التربية أما متى كان أصحاب التربية الحقة أكثر عدداً وأعز نفراً كما أسلفنا فإن بوسعهم أن يحصروا تلك الجريمة ضمن دائرة ضيقة ربما لا تعدوا أكثر من ابناء ذلك الأخرق الذين لم تساعدهم الظروف على تلقي المبادئ الصحيحة في المدارس الراقية.
قال بعض الحكماء رأينا شباباً أساء المربون تأديبهم غلماناً فلم يبصروهم العواقب، فنشأوا أغراراً حمقى لا تكف جورهم حدود ولا تدعم عملهم قواعد أهمل رياضتهم المؤدبون صغاراً فراضتهم الخطوب كباراً منهم من أذعن وانقاد ومنهم من جمح فأصبح حرب الأمن