الوهم والألف والعادة والاحتراز على الخطأ في الترتيب ونحو والعلم بخلوصه مما يخل يتوقف على مرشد معصوم كنبي وإمام يحكم بذلك ولا يمكن أن يكون الحاكم العقل إذ يعود لكلام في خلوص حكمه عما ذكر على أن الكلام في الأمور الدينية لا غير والعقل الصرف عاجز عن معرفتها تفصيلاً نعم يمكن للعقل ذلك إذا كان مستمداً من الشريعة كأن يكون أصل الحكم مأخوذاً من الشارع فحينئذ يقاس عليه ولما كان القياس باطلاً عند هذه الفرقة تعذرت تلك المعرفة وبطل حكم العقل وقد يقال أنهم لو التزموا صحة القياس لا يجديهم نفعاً لأنه يبقى الكلام في طريق ثبوت الحكم في الأصل المقيس عليه وقد انسد عليهم كل طريق كما لا يخفى والحاصل أن القول بارتداد كل الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أربعة أو ستة مع ما ورد فيهم وعنهم ولهم مما لا يقدم عليه أحد ممن يؤمن بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم واليوم الآخر ولشناعة هذا القول وبطلانه عدل عنه بعض الشيعة زاعماً ارتداد كبار الصحابة وعلمائهم فقط كأبي بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله تعالى عنهما ولا يخفى أنه من البطلان بمكان أيضاً لما فيه من تكذيب الآيات الدالة على أنهم أفضل المؤمنين وأنه سبحانه قد رضي عنهم وقد رضوا عنه ومنزلة الرضا غاية قصد العابدين والحق الحقيق بالقبول أن القوم رضي الله عنهم كانوا على غاية من الكمال والاتباع لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويشهد لذلك حسن معاملة الأمير كرم الله وجهه للخليفتين الأولين والامتثال لأمرهما والنصح لهما والأدب معهما والصلاة وراءهما والثناء عليهما والرضا عنهما في حياتهما وبعد موتهما فقد روى الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة الشيعي في آخر كتابه طوق الحمامة في مباحث الإمامة عن سويد بن غفلة أنه قال مررت بقوم ينتقصون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فأخبرت علياً كرم الله وجهه وقلت لولا أنهم يرونك تضمر ما أعلنوا ما اجترؤا على ذلك فقال نعوذ بالله سبحانه من ذلك رحمهما الله تعالى ثم نهض وأخذ بيدي وأدخلني المسجد فصعد المنبر ثم قبض على لحيته فجعلت دموعه تتحدر عليها وجعل ينظر للبقاع حتى اجتمع الناس ثم خطب فقال ما بال أقوام يذكرون أخوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه وصاحبيه وسيدي قريش وأبوي المسلمين وأنا بريء مما يذكرون وعليه معاقب صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم للوفاء والجد في أمر الله تعالى يأمران وينهيان