الصحابة والتابعين) إلى أنه إسراء بالجسد وفي اليقظة قال وهذا هو الحق وهو قول أكثر المتأخرين من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين والمفسرين وقالت طائفة كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس وإلى السماء بالروح قال العلامة القاري وهذا يشبه قول المعتزلة قال القاضي والحق من هذا والصحي أنه إسراء بالجسد والروح في القضية كلها وعليه تدل الآية وصحيح الأخبار والاعتبار ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل إلا عند الاستحالة وليس في افسراء بجسده وحال يقظته استحالة أه. وبيانه أن لفظة اسرى في الآية تدل على اليقظة لا النوم لأن معنى الإسراء لغة السير في الليل ولم يعهد على العرب أنهم أطلقوا على من حلم بشيء أنه أسرى به وادعاء المجازية هنا ضعيف جداً لأنه فضلاً عن كون اعتبار الحقيقة هو الأصل مخالف للظاهر وقوله تعالى (بعبده) الذي هو اسم للروح والجسد يلائم اليقظة أيضاً ولو كان المراد الإسراء بالنوم مجازاً لقال أسرى بروح عبده مما يلاءم النوم ويدل على المجازية.
وأيضاً يفهم من التعبير بلفظ (سبحان) أن الإسراء باليقظة والجسد لأن معناه التنزيه وهو متضمن لمعنى التعجب فلو كان الإسراء مناماً لضاعت لكنة التعجب إذ الرؤيا المنامية لا تقضي العجب ولو كان بالروح لخفيت لكنة التنزيه إذ ليس للروح تمييز وليس في الإسراء بها ما يوهم أمراً يوجب التنزيه.
وأيضاً بين سبحانه بقوله (لنريه من آياتنا) الغاية والحكمة من الإسراء وهو إراءة الله تعالى هذا النبي الكريم من الآيات المخصوصة به صلى الله عليه وسلم التي ما شرف بإراءتها أحداً من الأنبياء غيره ولو كانت منامية لما كان فيها مزية عظيمة ولا حكمة بالغة وقد قال سبحانه لقد (رأى من آيات ربه الكبرى) ومما يؤكد أنه بالجسد واليقظة قوله جل اسمه في الآيات السابقة (ما زاغ البصر وما طغى) إذ ليس للروح بصر حتى ينفي عنه الزيغ والطغيان ولو قيل بالمجازية ففضلاً عن كونه خلاف الأصل بنافيه ظاهر سياق الآية لأنها مسوقة للمدح وتعداد المزايا وأي مزية بل أي مدح في نفي الزيغ والطغيان عن بصر النائم.
وأيضاً قوله تعالى (وما جعلنا الرؤيا الني أريناك إلا فتنة) يدل على ذلك ومثل ذلك الأحاديث الصحيحة على أنه حصل للكفار إنكار واستبعاد وتكذيب لهذا الخبر وارتد به