مما يلي هجر فاجتمع المشركون إلى الحطم واجتمع المسلمون إلى العلاء وخندق كلّ على نفسه وكانوا يتراوحون القتال ويرجعون إلى خندقهم فكانوا كذلك شهراً حتى إذا كانت ليلة سمع المسلمون فيها ضوضاء شديدة في عسكر المشركين فاستطلعوا الخبر فجاءهم بأنهم سكارى فبيتهم المسلمون شربيات ووضعوا السيف فيهم حيث شاءوا حتى هربوا بين مأسور ومقتول وقتل الحطم ثم ركب منهزمون السفن إلى دارين.
فجمع العلاء الناس وخطبهم وقال إن الله قد جمع لكم أحزاب الشيطان وشرَّد الحرب في هذا البحر وقد أراكم آياته في البر لتعتبروا بها في البحر فانهضوا إلى عدوكم ثم استعرضوا البحر إليهم فإن الله قد جمعهم فقالوا نفعل ولا نهاب والله بعد الدهناء هولاً مابقينا فارتحل وارتحلوا حتى إذا أتى ساحل البحر اقتحموه راكبهم وراجلهم ودعا ودعوا فاجتازوا ذلك الخليج بإذن الله جميعاً يمشون على مثل رملة ميثاء فوقها ماء يغمر إخفاق الإبل وإن ما بين الساحل ودارين مسيرة يوم وليلة لسفن البحر في بعض الحالات فالتقوا بهم واقتتلوا قتالاً شديداً حتى أظفرهم الله بهم فلما فرغوا رجعوا عودهم على بدئهم وفي ذلك يقول عفيف ابن المنذر:
ألم تر أن الله ذلك بحره ... وانزل بالكفار إحدى الجلائل
دعونا الذي شق البحار فجاءنا ... بأعجب من فلق البحار الأوائل
وكتب العلاء إلى أبي بكر أما بعد فإنَّ الله تبارك وتعالى فجر لنا الدهناء فيضاً لا ترى غوار به وأرانا آية وعبرة بعد غم وكرب لنحمد الله تعالى ونمجده فادع الله واستغفره لجنوده وأعوان دينه فحمد أبو بكر الله ودعاه وقال أن شأن هذا الفيض من عظيم الآيات وما سمعنا به في أمة قبلها اللهم أخلف محمداً صلى الله عليه وسلم فينا وكتب العلاء إلى أبي بكر بالفتح.
ردة عمان ومهرة
ولى رسول الله عليه وسلم على أهل عمان حين أسلموا جيفرا وعياذ ابني الجلندي وكان قد نبغ في عمان لقيط بن مالك الأزدي فلما توفي رسول الله صلى الله عليه ادعى النبوة فتبعه كثير من أهل عمان فخافه ابنا الجلندي فبعثا إلى أبي بكر بذلك فأرسل إليهما حذيفة ابن محصن وعرفجة بن هرثمة وعكرمة بن أبي جهل فالتقوا بلقيط واقتتلوا قتالاً شديداً كاد