فكيف بمن يأتون بعد عصركم ... إذا دام هذا فالعنو ذلك العصرا
وكم نادم من وضع أولاده بها ... وقد سبقت أسيافها العذل والعذرا
ألا انتبهوا ما قد مضى غير عائد ... وبالحزم بعد اليوم فاستقبلوا الأمرا
ومن يدعي الإسلام وهو مثابر ... على الغي لم يبرح به الشهر والدهرا
وليس له أعمال خير فؤاده ... بأنوارها يبيض من بعد ما اغبرا
فلا صام لا صلى ولا حج لإله ... زكاة ولا أعمال بر بها برا
كمن قد تربى في مدارس شيدت ... لتخريب دين الله عاش بها عمرا
فصار يحب الكافرين وشبههم ... يرى لذة في قربهم ويرى فخرا
مناسبة قد الفت بين أهلها ... تجر إلى الأشكال أشكالهم جرا
ويكره أهل الدين حتى قريبه ... ولاسيما من كان أشعث مغبرا
وما ذنبهم إلا تمدنهم وهم ... على فطرة الإسلام قد فطروا فطرا
فإسلام هذا مثل ثوب مزور ... رقيق فمن يكساه في حكم من يعرى
فذلك عريان وإن كان كاسياً ... وأفضل منة مؤمن من لبس الطمرا
وكم هالك في الكافرين عناده ... وإن كان بين المسلمين حوى قبرا
نعم علموا أولادكم كل نافع ... من العلم إن العلم أعظم أن يزرى
ولاسيما ما فيه تأييد دينكم ... فأعداؤكم بالعلم قد ملكوا الأمرا
أعدوا لهم من قوة ما استطعتم ... فلا يقبل المولى لإهمالكم عذرا
ومن دون علم كيف تحصل قوة ... نكف بها عنا من المعتدي الضرا
فيلزمنا بالمال والحال كسبها ... وبالعلم أن العلم آلتها الكبرى
ولكن حفظ الدين شرط محتم ... فللأخير في الدنيا إذا ضاعت الأخرى
ولا تيأسوا من رحمة الله أنكم ... متى ما أطلعتم ربكم جبر الكسرا
وهذا الذي من سخطة تشهدونه ... جرائدكم ردت فجرت لكم جمرا
وكم صالح فيكم ولكن فتنة ... بها كثر الأخباث عممت الشرا
وينصركم أن تنصروه بطاعة ... بأن تتبعوا من شرعه النهي والأمرا
ألم تعهدوه ناصراً عند نصركم ... له فبترك النصر قد ترك النصرا