العلماء أن يبثوا علمهم بأنجح الوسائل الممكنة فيقظونهم في المساجد والمدارس، ويغشونهم في منتدياتهم ومجتمعاتهم، ولا يدعون فرصة تذهب دون استمالتهم نحو الأخلاق الفاضلة، وإجلاء ماطرأ على فطرهم السليمة من الصدأ الذي سببه بعدهم عن أوامر الدين وهدايته ومتى قام العلماء بهذه الوظيفة المقدسة التي حملوا العلم لأجلها وأخلصوا بأدائها وعملوا بما علموا لا تلبث أن تبدو أعمالهم مكللة بالنجاح وتظهر كلمة الحق على الباطل، ولا ييأس أولئك الداعون إلى الخير من نجاح أعمالهم لما يصادفون في طريق دعوتهم من العقبات المانعة من تسلط الأشرار المتفرنجين الذين لا يريدون الدين ولا تدين، ويصدون أمة عن سبيله بكل ما في وسعهم فإن داعي الحق مسموع الكلمة مجاب الدعوة مهما حاول أنصار الباطل التنفير منه وتقبيحه.
ومن يتصفح التاريخ ويرى ما لقي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من أممهم من الإعراض عن دعوتهم وتقبيح ما أتوا به من البينات والهدى وتعمد تحقيرهم إلى غير ذلك من ضروب الإيذاء ويرى أنهم عليهم الصلاة والسلام لم يصدهم ذلك عن الدأب على الإرشاد ولم ييأسوا من رد أممهم إلى الصراط السوي بل ظلوا مثابرين على تعهدهم بأنواع العظات وتذكيرهم بالله وآياته وإقامة الحجج على صدق مدعاهم. من ير ذلك كله يحكم بأن العلماء وهم (ورثة الأنبياء) مقصرون بوظائفهم مطالبون من الله تعالى ببث ما آتاهم من العلم محاسبون مسؤولون عن ذلك يوم القيامة. أخرج الترمذي بسند حسن عنه صلى الله عليه وسلم لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس. عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم وفقنا الله جميعاً لامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، أنه خير مسؤول كريم.