وبناء الأسطول وإعداد معداته بل إذا نظرنا إلى الاضطرار وشدة الاحتياج نقول لمن وجبت عليه الزكاة يستحب في حقك أن تدفع الزكاة لهذا الجانب لأن الضرورة إليه في هذا الزمان أشد بأضعاف متضاعفة من غيره بل إذا نظرنا لمحيطنا نظر متبصر خالص النية نجد الإسلام قاطبة في حالة هجوم عليه ومفاجأة العدو له ومعلوم أن هاته الحالة توجب وتحتم شرعاً باتفاق المذاهب في سبيل الله ودفع هجمات العدو على أوطان المسلمين ودينهم وحريمهم وذراريهم بالأموال كلها وإلا راح من غير تفرقة بين مال الزكاة وغيره وبين الغني والفقير والكبير والصغير والرجل والمرأة والعبد والحر من دفع زكاته كلها بل دفع ماله كله في الاستعداد للجهاد في هذا الزمن الحرج فقد قام بواجب من أكبر واجبات الإسلام وأعظمها على أنا نعني بالزكاة التي نطالب إخواننا المسلمين بدفعها للأسطول زكوات الدراهم والدنانير الموكولة لأمانتهم وهي بعض قليل من مال الزكاة والقسم الأعظم هو زكاة الحرق والماشية وذلك قائمة بجبايته الدولة فلا كلام لنا فيه وها هي قائمة في الجملة بغالب الأصناف الممكنة بحسب الزمان من تعيين معاشات للفقراء المتعففين عن صناعة التسول ومن إعانة أبناء السبيل ومن نفقة الاستعدادات في سبيل الله والغزاة ومن معاشات العاملين عليها إلى غير ذلك وحيث كان من المقرر المعلوم عند عموم المذاهب إن كل من التزم مذهباً من المذاهب لا ينبغي له أن يخرج عنه لغيره إلا عند الضرورة فيسوغ له ذلك فالعمل بمقتضى هذا الفقه يخاطب به كل أهل المذاهب الأربعة للضرورة التامة الظاهرة التي لا تحتاج إلى إيضاح فلا عذر للمتخلف عن ذلك ورجائي من مقام مشيخة الإسلام أن توافق على هذه الفتوى بعد أن تقف على نصوصها المنقولة في محالها حتى يقنع العموم ويعمل بمقتضاها.
ولا يخفى ما في ذلك من الفوائد الكبرى لأسطول الإسلام ومعلوم أيضاً أن مشيخة السلام ليست مشيخة السادات الحنفية بل مشيخة السادات المسلمين قاطبة فكل المذاهب الأربعة لها حظ فيها وفتواها ترجع إليها كما أن خلافة الإسلام أيضاً لا تتقيد بقول دون قول في تدبير صوالح المسلمين بل كل قول في مذهب من المذاهب الأربعة دعت الضرورة إليه إذا طابق الزمان والحال ولو كان ضعيفاً هو مذهبها ونسأل الله جل جلاله أن يلهمنا الرشد ويعلمنا التأويل ويفقهنا في الدين.