فيها حيران إلى غير ذلك من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تؤكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل مكلف أعم من أن يكون عالماً وجاهلاً ذكراً أو أنثى لا يختص ذلك بصنف دون صنف ولا بطائفة دون طائفة. وهذا هو شأن الفرض الكفائي فمهما قام به واحد أو جماعة سقط الحرج عن الآخرين واختص الثواب بالقائمين به المباشرين له وإن تقاعس عنه الخلق كلهم عم الحرج كافة القادرين عليه لا محالة. قال النووي رضي الله عنه ما نصه: قال العلماء رضي الله عنهم ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات بل ذلك ثابت لآحاد المسلمين قال إمام الحرمين والدليل عليه إجماع المسلمين فإن غير الولاة في الصدر الأول والعصر الذي يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف وينهونهم عن المنكر مع تقرير المسلمين إياهم وترك توبيخهم على التشاغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير ولاية والله أعلم ثم أنه يأمر وينهى من كان عالماً بما يأمر به وينهى عنه وذلك يختلف باختلاف الشيء فإن كان من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها فكل المسلمين علماء بها وأن كان من دقائق الأفعال والأقوال ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخل فيه ولا لهم إنكاره بل ذلك للعلماء. ثم قال وهو أي باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باب عظيم به قوام الأمر وملاكه وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقاب فليحذر الذين يخالفون أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضاء الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب فإن نفعه عظيم لاسيما وقد ذهب معظمه ويخلص نيته ولا يهاب من ينكر عليه لارتفاع مرتبته فإن الله تعالى قال (ولينصرن الله من نصره) وقال تعالى (ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) وقال تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) وقال تعالى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) واعلم أن الأجر على قدر النصب ولا يتاركه أيضاً لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقاً من حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته وينقذه من مضارها وصديق الإنسان ومحبه هو من يسعى في عمارة آخرته وأن